للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وردَّ: بأن القدرة حاصلة قبل صدور الفعل, وشرط تأثيرها في الفعل الإرادة والداعية, وإذا انتفى الشرط المشروط, فلا تكون القدرة على وجه تؤثر حاصله, وهو المراد بنفي حصول القدرة, ولا يلزم حدوث قدرته تعالى؛ لأن القدرة الأزلية تحدث كل شيء أراده الله تعالى بالإرادة الأزلية في زمان اقتضت الحكمة البالغة حصوله فيه.

وقوله: «إنما كلف بالمحال بالإيقاع في ثاني حال» [باطل]؛ لأن الإيقاع المكلف به في ثاني حال, إن كان نفس الفعل, فالتكليف به محال كالتكليف بالفعل, وإن كان غيره عاد الكلام إليه, بأن نقول: التكليف به إنما يتوجه عند الشروع فيه, على أن المسألة مشكلة؛ لأن الفعل قبل القدرة المستجمعة لشرائط التأثير يمتنع صدوره, وعندها يجب صدوره, فيلزم على مذهب المعتزلة كون الممتنع مكلفًا به, وعلى مذهب الأشاعرة كون الواجب مكلفًا به, وأنه لا يعصي أحد.

احتجوا ثانيا: بأنه لو لم يخير لم يقع, بيان بطلان التالي: أن الله تعالى كلف أبا جهل بالإيمان, وهو تصديق الرسول في جميع ما جاء به, ومما جاء به أنّ أبا جهل لا يصدقه, فقد كلفه بأن يصدقه في أن لا يصدقه, وتكليفه أن يصدقه في هذا الخبر المستلزم ألا يصدقه وإلا لزم كذب خبر الله تعالى, فيكون تكليفًا بالتصديق حالة امتناع التصديق, وهو تكليف [بالجمع بين الضدين] , لكونه مكلفًا بتصديق هذا الخبر لأنه مما جاء به, وهذا الخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>