ويقرر بوجه آخر وهو:[أنه] لو لم يصح لم يقع, ولو لم يقع, لم يعلم إبراهيم وجوب الذبح.
احتج القاضي على المختار: بأن الإجماع منعقد قبل ظهور المخالف على تحقق الوجوب والتحريم قبل التمكن من الفعل؛ لأنهم أجمعوا أن كل عاقل بالغ مأمور بالطاعة منهي عن المعصية, قبل التمكن بما أمر به ونهى عنه, وأنه متقرب بالعزم على فعل الطاعة, وأنه يجب عليه الشروع في العبادات الخمس بنية الفرض, وأن الصاد له عن ذلك [الفرض] عاص, وهذا كله مع عدم الأمر والنهي محال, فلو لم يصح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه, لم يتحقق الوجوب والتحريم قبل التمكن من الفعل؛ لجواز ظهور انتفاء شرط الوقوع.
وقولهم: لم لا يجوز أن يكون الإجماع إنما هو بتقدير بقاء المكلف إلى وقت الوقوع خلاف الظاهر, وكذا قول الإمام: يجوز أن يكون الإجماع على ظن الآمر, بناء على أن الغالب بقاء المكلف وتمكنه, لا على تيقن الأمر, بل هو أبعد.
قلت: واعلم أن مذهب المعتزلة يستلزم تكليف ما لا يطاق؛ لأن التكليف عندهم قبل الفعل, وهم صرحوا أنه لا يعلم التكليف إلا بعد الفعل, فيكون تكليفًا للغافل وهم منعوه, ويلزمهم عدم الدخول في العبادة