للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النقض فتوجيهه: لو صح ما ذكرتم, يلزم ألا يصح التكليف مع جهل الآمر بانتفاء الشرط عند الوقت, والتالي باطل إجماعًا, أما الملازمة: فلأن الفعل إذا كان شرط وقوعه منتفيًا عند وقته يكون ممتنعًا, لوقوع علم الآمر انتفاء الشرط أو جهله, وإذا كان ممتنع الوقوع لا يكلف به.

وفيه نظر؛ لأنه مع جهل الأمر قد يصد الآمر امتثال المكلف بالمكلف به, بخلاف ما إذا علم انتفاء شرط الوقوع, فإنه لا يقصد ذلك فافترقا.

أو يقول الخصم: هذه خصت بالإجماع, فيبقى الدليل متناولًا سواها.

احتجوا ثانيا: بأنه لو صح مع علم الآمر بعدم الشرط, لصح مع علم المأمور بذلك, واللازم باطل إجماعًا, أما الملازمة: فلأنه لا مانع إلا كونه غير متصور حصوله منه, ولا يصلح مانعًا كما في صورة النزاع.

أجاب: بالفرق, وهو انتفاء فائدة التكليف في محل الوفاق, إذ فائدة التكليف إما الامتثال أو الابتلاء, وإذا علم المأمور انتفاء الشرط يمتنع الفعل ولا يصح منه العزم, فلا يطيع ولا يعصي, بخلاف ما إذا جهل صور علم الآمر فإنه يمكنه الفعل لو وجد الشرط, فيصير مطيعًا بالعزم على الفعل, وعاصيًا بالعزم على الترك, ومطيعًا بالبشر, وعاصيا بالكراهة.

لا يقال: يجوز أن يشتغل العالم بالممتنع قصد امتثال الأمر فقط, لا إلى إيجاد المأمور به فلا فرق؛ لأنّا نقول: وإن جاز فهو من الممكن الأقلي, فلذلك هجر, [واتفق على عدم الصحة].

<<  <  ج: ص:  >  >>