واحتج القائلون بوجوب العمل بالفعل:
قالوا: الفعل أقوى دلالة من القول؛ لأن القول يبين بالفعل, يدل على ذلك «صلوا كما رأيتموني أصلي» و «خذوا عني مناسككم» بيانًا لآية الحج وآية الصلاة, وكخطوط الهندسة وغيرها مما جرت به العادة للتعليم, مما لا يفي القول به, ولهذا قيل: ليس الخبر كالمعاينة.
أجاب: بأن غايته أنه وجد البيان بالفعل, لكن البيان بالقول أكثر فيكون راجحًا.
سلمنا التساوي, لكن البيان بالقول أرجح بما ذكرنا؛ لأن الدليلين من جنس واحد إذا تعارضا, فقيام دليل آخر على وفق أحدهما مرجح.
لا يقال: يصار إلى الوقف كما في حقه عليه السلام للاحتمالين.
لأنا نقول: نحن متعبدون بالعمل, والتوقف في إبطال العمل ونفي للتعبد به, بخلاف الأول وهو التوقف في حقه لعدم تعبدنا به.
أما لو كان عامًا لنا وله, فإن تأخر القول فهو ناسخ للتكرار في حقه, وناسخ لوجوب التأسي في حقنا, وإن تأخر الفعل وكان قبل التمكن من مقتضى القول, فالفعل ناسخ قبل التمكن عندنا, إلا أن يتناوله القول ظاهرًا, فإن فعله عليه السلام يكون تخصيصًا.
وإن جهل التاريخ, فقيل: يعمل بالفعل, وقيل: بالقول, وقيل: بالوقف, والمختار: تقديم القول.