للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدليل الثاني من الأدلة العقلية على كون الإجماع حجة قطعية:

إذا علمنا بالتواتر أن العلماء المحققين أجمعوا على تقديم الإجماع على النص القاطع, فدلّ على أنه حجة قطعية, وإلا لزم تعارض الإجماعين؛ لأنا علمنا بالتواتر عنهم أيضًا أنهم أجمعوا على تقديم القطعي على الظني, وتعارض الإجماعين يستلزم خطأ أحدهما, وخطأ الإجماع باطل لما سيأتي, مع أن العادة تقضي بامتناع التعارض بين أقوال هذا العدد من العلماء المحققين.

قلت: وفي هذا الدليل نظر؛ لأنا أولًا نمنع أنهم أجمعوا على تقديمه على القاطع, وفي المنهاج وغيره إذا عارضه نص أول القائل له وإلا تساقطا, [ولو سلم عدم التساقط, فإنما يقدم الإجماع إذا كان سنده قطعيًا وإلا كان الإجماع خطأ, ولا نزاع أصلا في إجماع سنده قاطع أنه قطعي, وإنما النزاع في ما سنده ظني ولم يدل عليه دليل أنه حجة قطعية] , [فإن تمسك به على وجه آخر بأن يقول: أجمعوا أنه لا يقدم القاطع عليه, وقد أجمعوا على تقديم القاطع على الظني, فلو كان ظنيًا تعارض الإجماعان.

قلنا: لا يتصور إجماع يقابله قاطع؛ لأنه يكون خطأ؛ إذ قصارى سنده أن يكون قطعيًا آخر ولا يصح, لأن تعارض القطعيين محال لاستلزامهما

<<  <  ج: ص:  >  >>