للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: إذا كان من باب النقل كما ذكرتم, فما فائدة ذكر الإجماع مع أنه من باب النقل.

الجواب: أن موجب ذلك مخالفة العراقيين وغيرهم لنا في مسائل طريقها النقل والعمل المستفيض, اعتمدوا فيها على أخبار الآحاد.

واحتج أصحابنا بنقل أهل المدينة وعملهم المجتمع عليه المتواتر على ترك الأخبار, وعن الشافعي: إجماع المدينة أحب إليّ من القياس». انتهى كلام عياض, وهو العمدة, لا كلام المصنف.

احتج: بأن العادة تقضي بأن مثل هذا الجمع الكثير من العلماء المحصورين المحققين الأحقين بالاجتهاد لمشاهدتهم التنزيل وسماعهم التأويل, لا يجمعوه إلا عن راجح, وقال: (مثل هذا الجمع) لينبه على أنه لا خصوصية للمكان, وأنه لو اتفق في غيرها مثل ذلك كان حجة.

وقال: (المنحصر) لأنه لو اتفق عدتهم أو أكثر متفرقين في البلاد, أو مختلطين بمن خالفهم, أو غائبين عن بلدهم, لم يعتبر, ولم تقض العادة باطلاعهم على الراجح, بخلاف قوم مجتمعين يتناظرون ثم يتفقون, فيبعد ألا يطلع أحدهم على دليل المخالف المدعى رجحانه.

واحترز (بالأحقين) عن منحصرين في موضع لا يكون مهبطًا للوحي, وأهله غير واقفين على وجوه الأدلة من قول الرسول أو فعله, أو فعل أصحابه في زمانه, ووجوه الترجيح, ولا شك أن أهل المدينة أعلم بذلك.

فإن قيل: لا نسلم قضاء العادة باتفاق مثلهم عن راجح؛ لأنهم بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>