ويوضحه مثال وهو: أنه إذا قال بعضهم: لا يقتل مسلم بذمي, ولا يصح بيع الغائب, وقال البعض الآخر: يقتل المسلم بالذمي, ويصح بيع الغائب.
فلو قال ثالث حدث بعدهما: يصح بيع الغائب, ولا يقتل مسلم بذمي, أو يقتل المسلم بالذمي, ولا يصح بيع الغائب, لم يمتنع اتفاقًا.
وهذا الاتفاق ذكره الآمدي, وظاهر المحصول خلافه؛ لأنهما مسألتان خالف في إحداهما بعضًا وفي الأخرى بعضًا, وإنما الممنوع مخالفة الكل فيما اتفقوا عليه.
وإذا وضح في مسألتين فكذا في الواحدة, والسر فيه أن العمل بـ «يقتل ولا يصح» لا يستلزم خطأ الأمة في شيء من المسألتين, بخلاف الردّ مجانًا فإنه يستلزم خطأ الأمة فيه ضرورة.
والتفصيل في المسألتين وإن كان يستلزم بطلان كل واحد من المجوعين, لكنه لا يترتب عليه عمل, ولهذا قيل: يجوز إجماع الأمة على الخطأ / بحيث لا يضيع الحق في البين, كما لو قال شطر الأمة: القياس ليس بحجة والقدرية كفار, وقال الباقون: حجة وليسوا كفارًا, فإن الحق لم يضع في الأمة في كل واحد من القولين مع أن الخطأ يشملهم, بخلاف جواز إجماعهم بحيث يضيع الحق من البين لا يجوز, وهذا بخلاف اتفاقهم على الشيء الواحد لو جوزنا مخالفته.