للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونهى، وأملى كتبا تعجّب الحاضرون من حسنها، ومن فرط بلاغتها، وقال:

كلامنا من غرر … وعيشنا من غرر

إنّى وحقّ خالقى … على جناح السّفر

ثم لمّا كانت ليلة الجمعة، الرابع والعشرين من صفر، سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، انتقل إلى جوار ربّه، ومحلّ عفوه وكرامته، ومضى من الدنيا بمضيّه رونق حسنها، وتاريخ فضلها، رضى الله تعالى عنه وأرضاه، وجعل الجنّة مأواه، بمنّه وكرمه.

وقد رثاه الشّعراء بقصائد كثيرة، لا يمكن حصرها، ولا يستوعب ذكرها، فمنها ما قاله أبو سعيد الرّستمىّ، من قصيدة (١):

أبعد ابن عبّاد يهشّ إلى السّرى … أخو أمل أو يستماح جواد

أبى الله إلاّ أن يموتا بموته … فما لهما حتى المعاد معاد

ولأبى العبّاس الضّبّىّ، وقد مرّ بباب الصّاحب (٢):

أيّها الباب لم علاك اكتئاب … أين ذاك الحجاب والحجّاب

أين من كان يفزع الدّهر منه … فهو اليوم فى التّراب تراب

ولبعض بنى المنجّم (٣)، لمّا استوزر أبو العباس، ولقّب بالرّئيس، وضمّ إليه أبو على ولقّب بالجليل، بعد موت الصّاحب، تغمّده الله تعالى برحمته:

والله والله لا أفلحتم أبدا … بعد الوزير ابن عبّاد بن عبّاس

إن جاء منكم جليل فاجلبوا أجلى … أو جاء منكم رئيس فاقطعوا راسى

ولأبى الحسن العلوىّ الهمذانىّ، فى مرثيّة الصّاحب قوله (٣):

نوم العيون على الجفون حرام … ودموعهنّ مع الدّماء سجام

تبكى الأنام سليل عبّاد العلا … والدّين والقرآن والإسلام

تبكيه مكة والمشاعر كلّها … وحجيجها والنّسك والإحرام

تبكيه طيبة والرسول ومن بها … وعقيقها والسّهل والأعلام

كافى الكفاة قضى حميدا نحبه … ذاك الإمام السّيّد الضّرغام

مات المعالى والعلوم بموته … فعلى المعالى والعلوم سلام

وقد آن أن نحبس عنان القلم عن الجرى فى هذا الميدان، فإنّ فى ذكر ما أوردناه


(١) يتيمة الدهر ٣/ ٢٨٤.
(٢) يتيمة الدهر ٢٩٠،٣/ ٢٨٩.
(٣) يتيمة الدهر ٣/ ٢٩٠.