للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أيضا (١): أمّا طلب الحديث على ما يطلبه (٢) كثير من أهل عصرنا [اليوم]، دون نفقّه فيه، ولا تدبّر لمعانيه، فمكروه عند جماعة أهل العلم.

ثمّ ذكر (٣) بعد كلام طويل، قول الأعمش لأبى يوسف: أنتم الأطبّاء ونحن الصّيادلة.

ومن ها هنا قال التّرمذىّ: إنّ من يحمل الحديث ولا يعرف فيه التأويل كالصّيدلانىّ.

وعن ابن المبارك، أنه قال: ليكن الذى تعتمد عليه الأثر، وخذ من الرأى ما يفسّر لك الحديث.

ولله درّ بعضهم حيث يقول:

إن الرّواة على جهل بما حملوا … مثل الجمال عليها يحمل الودع

/لا الودع ينفعه حمل الجمال له … ولا الجمال بحمل الودع تنتفع

وقال ابن أبى ليلى: لا يفقه الرجل فى الحديث حتى يأخذ منه ويدع.

*** ومن التّشنيعات أيضا، قولهم: إن مذهب أبى حنيفة فى موضوعه مخالف لما عليه أساس الإمارة والإمامة، ولا يوافق فى كثير من فروعه للأمراء والأئمّة.

والجواب عن ذلك هو المنع، بل مذهبه أوفق للإمامة والإمارة، والأصلح للولاة والأئمّة.

والدّليل على ذلك، ما ذكرناه سابقا (٤) من الجواب عنه لأبى جعفر المنصور فى مسألة الاستثناء المنفصل، وخلافه فيه لابن عبّاس؛ فإنه أوفق للإمامة والإمارة، بخلاف مذهب غيره.

وكان بعض السّلف يقول: لا يزال الإسلام مشيّد الأركان ما بقى له ثلاثة أشياء:


(١) جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٢٧، وما بين المعقوفتين زيادة منه.
(٢) فى ص: «يطلقه»، وفى ط: «يطلعه»، والمثبت فى: ن.
(٣) جامع بيان العلم وفضله ٢/ ١٣١.
(٤) انظر ما تقدم فى صفحة ١١٢.