للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكعبة، والدّولة العبّاسيّة، والفتيا على مذهب أبى حنيفة. فلولا الموافقة بين الدولة العباسيّة ومذهب أبى حنيفة ما قرن بينها.

وقال بعض الشعراء فى ذلك:

أبو حنيفة فاق الناس كلّهم … فى العلم والزّهد والعلياء والباس

له الإمامة فى الدّنيا مسلّمة … كما الخلافة فى أولاد عبّاس

وسمّاهما بعض السّلف التّوأمين؛ لاتّفاقهما فى الموضوع، وظهورهما فى زمن واحد.

وكيف يجوز أن يدّعى أن أبا حنيفة على خلاف الإمامة مع ما ذكرناه عنه سابقا، حين منع من الفتوى (١)، وسألته ابنته عن مسألة فقال لها: سلى أخاك؛ فإن الأمير (٢) منعنى من الفتيا.

فلم يرض لنفسه أن يعمل بخلاف سلطان زمانه فى جواب مسألة.

والذى يدلّ على صحّة ذلك أنّ من صفة الإمامة أن يكون الإمام غالبا، قاهرا، نافذ الأمر، جائز التصرّف فى مملكته، مطلق اليد فى الرّعيّة. وعلى مذهب أبى حنيفة كلّ هذا مفوّض إلى الأئمّة أينما نزلوا، ومذهب المخالفين ليس على هذه الصّفة.

وبيان ذلك فى مسائل كثيرة من فروع الفقه، لا بأس بذكر بعضها فى هذا الموضوع للإيضاح.

*مسألة، من له أرض خراجيّة، عجز عن زراعتها، وأداء خراجها.

قال أبو حنيفة: للإمام أن يؤجّرها من غيره، ويأخذ الخراج من أجرتها، سواء رضى بذلك صاحبها أم لم يرض.

وقال الشافعىّ: ليس للإمام ذلك.


(١) انظر ما تقدم فى صفحة ٩٥،٩٤.
(٢) فى ط: «أمير المؤمنين»، والمثبت فى: ص، ن.