للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفرش تحته فى القبر قطيفة حمراء، كان يتغطّى بها. ونزل شقران، وحفر له، وألحد وأطبق عليه تسع لبنات.

واختلفوا: أيلحد، أم يضرح؟.

وكان بالمدينة حفّاران، أحدهما يلحد، وهو أبو طلحة، والآخر يضرح وهو أبو عبيدة، فاتفقوا أن من جاء منهما أولا عمل عليه، فجاء الذى يلحد، فلحد له. ونحّى فراشه، وحفر له مكانه فى بيت عائشة، رضى الله تعالى عنها.

وقال الحافظ عبد الغنىّ: حوّل فراشه.

وكان ابتداء وجعه فى بيت عائشة، واشتدّ أمره فى بيت ميمونة، فطلب من نسائه أن يمرّض فى بيت عائشة رضى الله تعالى عنها، فأذنّ له فى ذلك، وكان ما ابتدأ به من الوجع صداع، وتمادى به، وكان ينفث فى علّته شيئا يشبه أكل الزّبيب، ومات بعد أن خيّره الله تعالى بين البقاء فى الدنيا ولقاء ربّه، فاختار لقاء الله تعالى.

ويروى أن عمر رضى الله تعالى عنه سمع بعد وفاة النبىّ ﷺ يقول، وهو يبكى: بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لقد كان لك جذع تخطب عليه، فلما كثر الناس اتّخذت منبرا تسمعهم، فحنّ الجذع لفراقك، حتى جعلت يدك عليه، فسكن، فأمّتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم.

بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عند ربك، أن جعل طاعتك طاعته، فقال تعالى (١): ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ﴾.

بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده، أن أخبرك بالعفو عنك، قبل أن يخبرك بذنبك، فقال (٢): ﴿عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾.

بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن جعلك آخر الأنبياء،


(١) سورة النساء ٨٠.
(٢) سورة التوبة ٤٣.