للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذكرك فى أوّلهم، فقال تعالى (١): ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾.

بأبى أنت وأمىّ يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أنّ أهل النار يودّون لو يكونوا أطاعوك، بين أطباقها يعذّبون، يقولون (٢): ﴿يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا﴾.

بأبى أنت وأمّى/يا رسول الله، إن كان موسى بن عمران ﵇، أعطاه الله حجرا تتفجّر منه الأنهار، فماذا بأعجب من أصابعك حين نبع منها الماء صلّى الله عليك وسلّم.

بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لئن كان سليمان بن داود أعطاه الله الريح غدوّها شهر ورواحها شهر، فما ذلك بأعجب من البراق حين سرت عليه إلى السّماء السّابعة، ثمّ صلّيت الصّبح بالأبطح (٣)، صلّى الله عليك وسلّم.

بأبى أنت وأمّى يا رسول الله، لئن كان عيسى ابن مريم ﵊، أعطاه الله تعالى إحياء الموتى، فما ذلك بأعجب من الشّاة المسمومة حين كلّمتك وهى مشويّة، فقالت:

لا تأكلنى؛ فإنى مسمومة.

بأبى أنت وأمىّ يا رسول الله، لقد دعا نوح على قومه، فقال (٤): ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً﴾، ولو دعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فلقد وطئ ظهرك، وأدمى وجهك، وكسرت رباعيتك (٥)، فأبيت أن تقول إلا خيرا، فقلت: «اللهمّ اغفر لقومى فإنّهم لا يعلمون».

بأبى أنت وأمىّ يا رسول الله، لقد اتّبعك فى قلّة سنّك، وقصر عمرك، ما لم يتبع نوحا فى كبر سنّه، وطول عمره، فلقد آمن بك الكثير وما آمن معه إلا القليل.


(١) سورة الأحزاب ٧.
(٢) سورة الأحزاب ٦٦.
(٣) الأبطح: هو المحصب، وهو خيف بنى كنانة، يضاف إلى منى، وإلى مكة؛ لأن المسافة بينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب. معجم البلدان ١/ ٦٢.
(٤) سورة نوح ٢٦.
(٥) الرباعية، بوزن الثمانية: السن التى بين الثنية والناب. المصباح المنير (ر ب ع).