للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعه ثلاثمائة وعشرون رجلا يريدون (١) الحجّ، وعليهم الصّوف والرزمانقات (٢)، وليس فيهم من معه طعام ولا جراب، فنزلنا على رجل من التّجّار متنسّك يحبّ الصّالحين، فأضافنا تلك الليلة، فلمّا كان من الغد، قال لحاتم: يا أبا عبد الرحمن، ألك حاجة، فإنّى أريد أن أعود فقيها لنا هو مريض؟ فقال حاتم: إن كان لكم فقيه عليل، فعيادة الفقيه فيها فضل كثير، والنّظر إلى الفقيه عبادة، وأنا أيضا أجئ معك.

وكان المريض محمد بن مقاتل (٣)، قاضى الرّىّ، فقال: مرّبنا يا أبا عبد الرحمن. فجاءوا إلى باب داره، فإذا البوّاب كأنّه أمير مسلّط، فبقى حاتم متفكّرا يقول: باب دار عالم على هذه الحال!! ثم أذن لهم فدخلوا، وإذا بدار قوراء (٤)، وآله حسنة، وبزّة وفرش وستور، فبقى حاتم متفكّرا ينظر حتى دخلوا إلى المجلس الذى فيه محمد بن مقاتل، وإذا بفراش حسن وطئ، ممهّد، وهو راقد عليه، وعند رأسه خدمه، والناس وقوف.

فقعد الرّازىّ وسأل عن حاله، وبقى حاتم قائما، وأومأ إليه محمد بن مقاتل بيده:

اجلس.

فقال حاتم: لا أجلس.

فقال له محمد (٥) بن مقاتل: فلك حاجة؟

فقال: نعم.

فقال: وما هى؟

قال: مسألة أسألك عنها.

قال: سلنى.

قال حاتم: قم فاستو جالسا حتى أسألك عنها.

فأمر غلمانه فأسندوه.

فقال له حاتم: علمك هذا من أين جئت به؟


(١) فى س: «يريد»، والمثبت فى: ط، ن.
(٢) فى شفاء الغليل ١٠٨: «رزمة، بالكسر: ما يجمع فيه الثياب، والعامة تضمه»، فلعل هذا منه. أو لعله نوع من الثياب.
(٣) ذكر الشعرانى فى طبقاته ٨١،١/ ٨٠ هذه القصة باختصار.
(٤) قوراء: واسعة.
(٥) ساقط من: س، ط، وهو فى: ن.