[اختلاف أقوال العلماء في الأحاديث الواردة في مسألة إسبال الإزار]
فهذه سبعة أحاديث في الباب اختلفت أقوال العلماء فيها على قولين: القول الأول: الإسبال حرام إذا كان بمخيلة، واستدلوا على ذلك بأدلة منها: الأول: حديث أبي بكر -وهو عمدة الباب عندهم- وهو أن أبا بكر رضي الله عنه كان يرخي إزاره إلى تحت الكعبين، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله! إني أتعاهده ويسترخي، فقال: لست منهم يا أبا بكر)! أي: لست ممن يفعل ذلك خيلاء، ففي هذا دلالة على أن الخيلاء علة مؤثرة في الحكم.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّ من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، وهذا على الإطلاق، ثم قيده في الحديث الآخر بقوله:(من جر ثوبه خيلاء)، قالوا: و (خيلاء) وصف مقيد بمفهوم المخالفة، فمن جر ثوبه بلا مخيلة فلا يدخل تحت هذا الوعيد.
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة! فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال يرخين شبراً.
قالت: إذاً تنكشف أقدامهن.
قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن).
قالوا: لو كان خيلاء ما رخصه للنساء، لأنه سوف يحدث زيادة، وهذا الزيادة تدل على الكبر إن قلتم: لا، ويقولون أيضاً: إن الإسبال فقط في الإزار، أي: لا يدخل القميص ولا السروال ولا أي شيء آخر، وهذا مردود عليهم بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
القول الثاني: وهو القول الفصل الذي لا يمكن أن نحيد عنه، وهو قول المحققين من أهل العلم، قالوا: الإسبال نوعان يتفقان ويفترقان، فيتفقان بأن كلاهما محرم، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أسفل الكعبين ففي النار).
وهذا على الإطلاق.
الثاني: إذا كان كبراً وخيلاء فله عذاب أليم.
ويفترقان في العقاب، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يكلمه وله عذاب أليم)، وقوله صلى الله عليه وسلم:(ما أسفل الكعبين ففي النار).