للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثبوت الإيمان باليقين لا يزول بالشك بأي حال من الأحوال]

التأصيل الثالث الذي لا بد أن يضبطه طالب العلم: أنه من ثبت إيمانه بيقين فلا يزول بشك بأي حال من الأحوال، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة، فقال أبو ذر: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، ثم قال له في الثالثة: وإن زنى وإن سرق وعلى رغم أنف أبي ذر).

فمن قال: لا إله إلا الله دخل الإسلام، ودخل الإيمان، وله ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين، فقد دخل الإسلام بيقين، ولا يمكن أن نخرجه من الإسلام إلا بيقين، فإذا قال الرجل كلمة الكفر فإني من الممكن أن أقول: هل قالها عامداً؟ وهل قالها جاهلاً؟ وهل سبق لسانه قلبه؟ وهل لم يطمئن قلبه؟ وهل كان مكرهاً؟ وكل هذه تسمى احتمالات، فتدخله في دائرة الشك، وعندي القاعدة التي أرجع إليها بالتأصيل العلمي: أن الذي ثبت إيمانه بيقين لا يزول هذا الإيمان بالشك؛ لأنه من الممكن أن يقول: إن الله لم يتكلم، فيكون قد نشأ في البادية، أو هو جاهل لا يعلم معنى القرآن، ولا معنى كلام الله، ولا معنى أن الله يتكلم، فإن كان جاهلاً فلا بد أن أعلمه، وأقيم عليه الحجة، وأزيل عنه الشبهة.

إذاً: فالتأصيل الثالث: من ثبت إيمانه بيقين فلا يمكن أن يزول بشك، وهذا يبين لنا خطأ من يتجاسر -كائناً من كان، حتى ولو كان يدافع عن حظيرة الإسلام، ويرفع رايته- على التكفير، فلا يجوز له ذلك، ولا يتجرأ على ذلك إلا بيقين وبعلم، لأن تكفير المعين جرأة على الدين، وفيه جرأة على لوازم ربوبية الله جل في علاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>