المسألة الرابعة: وهي الأخيرة في هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم)، فهل هذا اجتهاد من النبي؟ وهل يسمح للنبي بالاجتهاد أم هو ناقل نقلاً محضاً؟ هذا فيه اختلاف أصولي عريض بين العلماء، قال الله تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٤]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا وإني قد أوتيت القرآن ومثله معه)، لكن الصحيح الراجح أن للنبي أن يجتهد، ولكن ليس على الإطلاق، فإن أخطأ لا يقر على الخطأ، والأدلة والواقع يشهد بذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتهد في أسارى الحرب وعاتبه الله على ذلك، قال:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}[الأنفال:٦٧]، فخالف اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم أمر الله جل في علاه.
الأمر الثاني:{عَبَسَ وَتَوَلَّى}[عبس:١].
الأمر الثالث:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}[التوبة:٤٣]؛ لأنه أذن للمنافقين المعتذرين فقال له الله معاتباً إياه:{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}[التوبة:٤٣]، ثم عاتبه:{لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ}[التوبة:٤٣].
فهذه فيها دلالة على أن النبي يجتهد لكن لا يقر على الاجتهاد الخاطئ.