للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفة الإحرام ووقته]

الإحرام جاء فيه ثلاثة أحاديث: الأول: أنه بعد أن يسلم يقول: لبيك اللهم بعمرة متمتعاً بها إلى الحج، وقد ورد هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر وابن عمر وأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين، قالوا: (أحرم النبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم).

والحديث الثاني: (أحرم النبي صلى الله عليه وسلم عندما استوى على الدابة)، فقد سمع أناس النبي صلى الله عليه وسلم عندما ركب على الدابة يقول: (لبيك اللهم بحجة وعمرة وهو مستو على دابته).

والحديث الثالث: عندما استوى على البيداء، وهو متجه إلى مكة راكباً.

والأفضل أن يحرم بعد أن يسلم فيقول: لبيك اللهم بعمرة، وهذا هو الأصح؛ لأنه إذا قال: لبيك اللهم بعمرة بعد أن يسلم يدخل وقت الإحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لـ عائشة: (أجرك على قدر نصبك ونفقتك)، وهذه قاعدة قعدها العلماء فقالوا: يعظم الأجر على قدر المشقة؛ ولذلك كلما كان البيت أبعد عن المسجد كان الأجر أعظم، وكل خطوة ترفع درجة وتحط خطيئة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال مبيناً فضل الجمعة: (من غسل واغتسل وذهب إلى الجمعة ماشياً ولم يركب، ثم دنا من الإمام فأنصت ولم يلغ؛ كتبت له كل خطوة بأجر سنة صيامها وقيامها).

فبعد أن يسلم يقول: لبيك اللهم بعمرة، وإن كان الأيسر على المرء أن يحرم بعد أن يستوي على الدابة فله ذلك، وهذا أيسر له؛ لأنه قد ينسى فيأخذ من أظفاره أو يأخذ من شعره أو يتطيب مرة ثانية، فيكون الأيسر له أن يحرم عندما تستوي به الدابة على الطريق، فيقول: لبيك اللهم بعمرة متمتعاً بها إلى الحج.

وهل يصح أن يقول المصلي: نويت أصلي فرض الظهر الذي فرضه الله علي بعدما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم وعاود ربه بخمسين صلاة فأصبحت خمس صلوات؟

الجواب

لا، فإن قيل: الصلاة بدون نية باطلة، قلنا: النية في القلب، وقد سمع ابن عمر رجلاً يقول: لبيك اللهم بعمرة أتمتع بها إلى الحج فقال: اسكت، أتعلم ربك بما في صدرك؟! لكن الصحيح الراجح أن يتلفظ بها؛ لأن ابن عمر غاب عنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في السنن -بسند صحيح- أنه قال: (جاءني جبريل فأمرني أن أصلي في هذا الوادي المبارك -وهو وادي العقيق- وقال: قل: عمرة في حجة)، ولما أهل النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بالإهلال، والتلبية ليست هي النية، فلو أن إنساناً لم ينو الحج، وقال: لبيك اللهم بعمرة، فهو غير محرم، وله أن يمس الطيب وله أن يفعل كل شيء؛ لأنه لم يدخل في النسك، فلا بد من عقد القلب على النسك، فالنية تسبق التلفظ، ثم يقول: لبيك اللهم بعمرة، فتحرم عليه محظورات الإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>