يقاس الناس عند رب الناس بالفهوم والعلوم والقلوب، لا بالمظاهر والفصاحة والبلاغة، فالصوفية غلبت في عصر شيخ الإسلام ابن تيمية، فخفي نجمه في عصره؛ لأنهم كانوا بلغاء فصحاء، يبكي الناس من كلامهم الحلو، وكان شيخ الإسلام المؤسس والمؤصل فهجروه، لكن الآن ما من أحد يرفع رأسه على أنه على علم إلا ويستقي من شيخ الإسلام، وكان الشيخ نفسه ازدرى بعض العلماء للهيئة التي لا تورث الهيبة، فعندما ذهب لطلب العلم في الرياض قال: دخلت المعهد العلمي من السنة الثانية، والتحقت به بمشورة من الشيخ علي الصالحي تلميذ الشيخ السعدي، فرحل بعد أن استأذن من الشيخ السعدي رحمه الله، وكان المعهد العلمي في ذلك الوقت ينقسم إلى قسمين: خاص، وعام، قال: فكنت في القسم الخاص، وكان في ذلك الوقت من شاء أن يتقدم، بمعنى: أنه يدرس سنة مستقبلة، فيدرس سنتين في سنة، أو ثلاث سنين في سنة، فالشيخ تقدم وفعل ذلك.
قال الشيخ: كنا طلاباً في المعهد العلمي في الرياض، وكنا جلوساً في الفصل، فإذا بشيخ يدخل علينا فقلت: هذا بدوي من الأعراب، لا عنده ثياب طيبة ولا هيئة ولا هيبة، وليس عنده بضاعة من العلم، قال: فسقط من أعيننا، وتذكرت الشيخ السعدي وقلت في نفسي: أترك الشيخ السعدي وأجلس عند هذا البدوي الذي ليس عنده هيبة ولا علم، وكان هذا هو الشيخ الشنقيطي، العلم الفرد الذي قال عنه الشيخ الألباني: ما رأيت شيخ الإسلام يمشي على الأرض مثل الشنقيطي، كان موسوعة علمية تتحرك على الأرض، فذ في التفسير، أستاذ في الحديث، نحرير في الأصول، عالم باللغة والنحو والصرف، ابن باز جبل العلم جلس تحت يديه وتعلم منه اللغة والأدب، قال: فلما ابتدأ الشنقيطي درسه انهالت علينا الدرر من الفوائد العلمية من بحر علمه الزاخر، فعلمنا أننا أمام جهبذ من العلماء، وفحل من فحول العلم، فاستفدنا من علمه وسمته وخلقه وزهده وورعه، رحمة الله على الشيوخ أجمعين.
أيضاً: من مشايخ الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه الشيخ ابن باز، قال: تأثرت كثيراً بالشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله من جهة عنايته بالحديث.
فالشيخ ابن باز معلم الشيخ ابن عثيمين في علم الحديث؛ لأن الشيخ ابن باز خلط بين الحديث والفقه، فكان هو شيخ ابن عثيمين في الحديث، وكان يدرسه علم المصطلح، ويدرسه البخاري ومسلم.
قال: وتأثرت به من جهة الأخلاق والزهد والورع.
أيضاً: من شيوخه الشيخ السعدي الذي كان من جهابذة علماء القصيم، وكان هذا الشيخ علم في القصيم، وكان كل علماء القصيم على مذهب السادة الحنابلة، ما يحيدون عنه قيد أنملة، أما هذا الشيخ فقد أعلن التحرر من المذهب، والاجتهاد المطلق؛ ولذلك تأثر به الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وتحرر من المذهب، وكان يفتي كثيراً بفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية التي يخرج بها عن مذهب الحنابلة، ويرجح مذهب الشافعية أو مذهب المالكية.
أيضاً من شيوخه: الشيخ علي بن حمد الصالحي، والشيخ عبد الرحمن بن علي بن عودان، والشيخ عبد الرحمن سلمان آل دامغ الذي هو جده من جهة أمه كما ذكرنا.