للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإخلاص لله]

فمن آداب طالب العلم: الإخلاص لله جل في علاه، فالعلم أجل العبادات, قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أرى أفضل عبادة من العلم لمن صلحت نيته.

فطلب العلم عبادة, والعبادة لا تقبل عند الله جل وعلا إلا بالإخلاص, قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥]، وفي الحديث القدسي: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به).

فيا طالب العلم! إذا علمت بفضل العلم, والله جل وعلا شرفك وجعل في قلبك همة الطلب, وأعزك من دون الناس، وجعلك من الذين يحملون شريعة الله جل وعلا, فإياك ثم إياك أن تطلب بذلك وجاهة أمام الناس أو رياء أو سمعة, أو طلباً لغرض دنيء من الدنيا، فإن كل ذلك زائل والباقي عند الله جل وعلا لا يكون إلا بالإخلاص, فإن من أول من تسعر بهم النار: عالم تعلم العلم لغير الله جل في علاه, إما ليماري به السفهاء، أو ليجادل به العلماء , أو ليرى مكانه بين الناس, أو ليترفع على الناس بهذا العلم, وإما أن يطلب به سلطة دنيوية دون أن تكون أخروية, فإياك ثم إياك! فإن أول من تسعر بهم النار هم العلماء الذين لم يطلبوا العلم لوجه الله الكريم, والمنافق يعاقب بنقيض قصده, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من راءى راءى الله به، ومن سمع سمع الله به).

ومن فائدة الإخلاص لله جل وعلا: أن العبد بإخلاصه وإن لم يجد في الطلب فإن الله جلا وعلا يفتح له أبواباً ونوراً عظيماً في قلبه يفرق به بين الحق والباطل ولو بقليل من النظر في بعض الأدلة, وقد كان الإمام مالك يقول: إن العلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء, وهذه المنقبة لا تكون إلا بالإخلاص, كما ورد بسند صحيح عن ابن عباس قال: يؤتى المرء الفهم بنيته.

إذاً: فمدار كل العلم على القلب وعلى الإخلاص لله جل في علاه, والإخلاص رأس التقوى, قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال:٢٩]، يعني: نظراً وفراسة، تفرقون به بين الحق والباطل.

<<  <  ج: ص:  >  >>