[إجماع سلف الأمة على أن القرآن كلام الله وليس بمخلوق، وحكمهم بتكفير من قال بخلق القرآن]
وسلف هذه الأمة قالوا: من قال: القرآن مخلوق فقد كفر، وإليكم بعض الآثار عنهم: جاء بسند صحيح عن الإمام أحمد أنه سئل عمن قال: القرآن مخلوق، فقال: من قال: القرآن مخلوق فقد كفر، والجهمية كفرهم نوعاً لا عيناً، فقد صلى خلف الجهمي وأمر باتباعه، والسمع والطاعة له.
كذلك وكيع التنين الذي إذا نزل مكة انفض الناس عن كل المجالس إلا مجلس وكيع، إذْ كان جبلاً في الحفظ رضي الله عنه وأرضاه، فقد سئل وكيع عن حكم ذبائح الجهمية فقال: حرام ميتة، فهم كفار، فهو أنزل الجهمية الذين يقولون: إن القرآن مخلوق منزلة الكفار وأن ذبائحهم تكون ميتة لا يجوز الأكل منها، ووكيع ثبت ثقة حافظ جليل، وإمام من أئمة المسلمين.
وأيضاً قيل لـ ابن المبارك: إن النضر يقول: إن من قال: إن الله لم يكلم موسى فقد كفر، قال: صدق النظر، وقد استدل النضر على أن الله كلم موسى بقوله تعالى:{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ}[طه:١٢].
فمن قال: إن قول: (إني أنا ربك فاخلع نعليك) مخلوق، فقد زعم بذلك أن الله أمر موسى أن يعبد مخلوقاً لا أن يعبد الخالق، وهذا أم الكفر وباب الكفر، فقال: صدق النضر.
وأيضاً الإمام مالك قال: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر، يقتل بعدما يستتاب.
وقيل لـ جعفر الصادق: من قال: إن القرآن مخلوق ما حكمه؟ قال: كافر، يقتل ولا يستتاب.
وفي استتابته خلاف بين العلماء، والمقصود أنه: ما من إمام من الأئمة إلا وكفر من قال: إن القرآن مخلوق، وليس صفة من صفات الله جل وعلا.
وقد ناظر الشافعي حفص الفرد وبعد ما ناظره قال له حفص: إن القرآن مخلوق، فقال الشافعي: قد كفرت، يعني: بهذه المقولة، فإن من قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر.
وقد بينا وجه ذلك بأنه تكذيب للقرآن، ولأنه إنزال للخالق منزلة المخلوق، ومخالفة لإجماع أئمة الدين وسلف الأمة، فالقرآن كلام الله، سمعه منه جبريل بصوت وحرف كما بينا، ثم نزل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم.