ومن مراتب الإيمان بالقدر: مرتبة الخلق، وقد سبق أن قلنا: إن الله قد علم فكتب فشاء فخلق، وهذه المرتبة تعني: خلق الله لكل شيء، وفيها رد على المعتزلة الذين يرون أنهم قد خلقوا أفعالهم، قال الله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد:١٦]، و (كل) نص في العموم يدخل فيها أفعال العباد، وتدخل فيها المعاصي، ولكن تنسب إلى الله جل في علاه خلقاً وإيجاداً، وما خلقه الله من فعله فهو كمال له، وتنسب للعبد فعلاً واكتساباً، فالله خالق كل شيء، قال تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}[الفرقان:٢]، ويدخل في ذلك فعل العبد.
قال الله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[الصافات:٩٦]، وجاء في الحديث الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إن الله قد خلق كل صانع وصنعته)، فهذا يدل على أن فعل العبد أيضًا مخلوق لله جل في علاه.
فهذه أربع مراتب لا يمكن لعبد أن يتقن أبواب القدر، أو يلج أبواب القدر المشكلة جداً إلا أن يؤمن بهذه المراتب الأربعة.
وتتعلق بهذه المراتب الأربعة نتائج كثيرة منها: هل القدر حجة للعاصي؟ أيضًا احتجاج آدم وموسى كان الحق فيه مع من؟ وهل يستنبط من ذلك مسائل تحتج بها القدرية أو الجبرية؟ ومسائل أخرى سنتعرض لها لاحقاً بإذن الله تعالى.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيراً.