إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فإن الله امتن على هذه الأمة بمنن كثيرة ابتدأها بأن أرسل إليها خير رسله، وأكرم الخلق عليه سيد المرسلين، وسيد الأولين والآخرين، وأتم لهم النعمة بأن اختار لهم باقة هم أفضل البشر أجمعين بعد الأنبياء، فأفضل من صاحب نبياً هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم جيل ذكي نقي، إنه الرعيل من الصحابة الأخيار، وسادة الأمة الأبرار، الشموس المشرقة، والأقمار النيرة، والكواكب المتلألئة، وسحائب الخير الممطرة في سماء إسلامنا، هؤلاء الذين اصطفاهم الله جل في علاه لصحبة نبيه فأخلفوه في أمته فنصروا دينه ونشروا دعوتهم، وجابوا آفاق الدنيا بأسرها، وجابوا الأرض مشارقها ومغاربها، ففتح الله لهم قلوب العباد والبلاد.
هؤلاء الذين أنزل الله عدالتهم من فوق سبع سماوات، هؤلاء الشموس التي أشرقت في سماء إسلامنا، هم الأخيار، هم الأبرار، وهم أسمى الناس أخلاقاً، وأصدق الناس إخلاصاً، وأخلصهم إيماناً، وأثبتهم يقيناً: أبو بكر كذا الفاروق منا ومنا خير من وطئ الترابا إن الله صور لنا فضل هؤلاء تصويراً بديعاً مع نبيهم صلى الله عليه وسلم في كتابه الجليل حيث يقول: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح:٢٩]، وقال جل في علاه:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح:١٨]، وقال تعالى:{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ}[التوبة:١٠٠]، وقال جل في علاه في هذه الأمة:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:١٤٣].