للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المكوث في مكة والإكثار من الطاعات بعد تحلل الرجل من العمرة]

بعد ذلك: على المسلم أن يجلس في مكة، ويلزمه أن يكثر من الطاعات والاستغفار والصلاة في المسجد الحرام؛ لأن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وهذا خاص بالرجال لا بالنساء، فإن بعض العلماء وقفوا عند قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، وقالوا هذا حديث متفق عليه، أي: في أعلى درجات الصحة، ولكنه ورد عن عمر أنه قال لزوجته: لا تخرجين، قالت: أتمنعني من المسجد؟ فخاف عمر على نفسه، فقال: لا أمنعك لكني أكره، وابن عمر لما سمع ذلك قال: لنمنعهن! إذاً يتخذنه دغلاً، يعني: غيبة ونميمة، وعائشة رضي الله عنها قالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تفعل النساء لمنعهن من المساجد، لكن أقول: السنة ألا تمنع، وقد ورد أن أحد الفضلاء قال لامرأته: لا تذهبي إلى المسجد قالت: أتمنعني؟ قال: لا أمنعك عملاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فذهبت تصلي العشاء في الظلام، واختبأ لها خلف شجرة، وغمزها في خاصرتها، فرجعت إلى البيت فقال لها: لم أرك في المسجد.

قالت: فسد الناس، فقال: أما قلت لك تجلسي في بيتك، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣]، فالنساء عليهن الاهتمام بالحج، فهو الجهاد بالنسبة لهن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـ عائشة: (جهادكن الحج)، فهي لم تذهب لتصلي في الحرم، وإنما ذهبت لترى شعائر الله وتعظمها، ولتؤدي المناسك.

ويعلم الله أن أشد فتنة رأيتها في الحرم هي النساء، فتجد الرجل يسجد على المرأة، وهي تسجد عليه، وتساوي معه الصفوف، وأخرى مريضة تخلع ثيابها وتغتسل بماء زمزم، وترى الرجل يصلي والمرأة أمامه، فتركع وتسجد أمامه، ثم يأتي الشيطان فيزينها له.

فيجب على المرأة أن تلتزم بقول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣] وإذا ذهبت إلى الحج فإنها تذهب لتؤدي المناسك، ولتعلم أن صلاتها في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد الحرام، وخير لها من صلاتها في المسجد النبوي، وهذا ليس قولي، بل قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عنه أنه قال: (صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة، ثم قال: وصلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في مسجدي هذا) ونفس الأمر فإن صلاتها في المكان الذي ستنزل فيه خير لها من الصلاة في المسجد الحرام، وهو القائل صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن)، فالأكمل والأصح والأتقى والأورع للمرأة أن تجلس في بيتها، وإنما تأتي لتجاهد في المناسك، وهي بذلك أرفع درجة عند الله من اللاتي ذهبن إلى البيت الحرام فزاحمن الرجال ففتن وفتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>