للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شبهة أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من التعدد والرد عليها]

الشبهة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير الخلق وسيد الخلق منع من التعدد، فكيف يتجرأ متجرئ ويبيح التعدد وقد منعه رسول الله؟ فهذا علي رضي الله عنه أراد أن ينكح الثانية، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره ألا يجمع بين فاطمة وأخرى تحته.

و

الجواب

أن ذلك حدث فعلاً، لكن دليلكم حق أريد به باطل، والرد على هذه الشبهة الواهية من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عدد إلى أن وصل إلى التسع، وهو القائل (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، ولا يجوز أن أحب لنفسي أن أعدد وأمنعه عن غيري، فهذا بعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق أجمعين.

أما الحديث الذي ذكر سابقاً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع علياً إلا لعلة أقوى من هذا، فإنه يحب لـ علي أن يفعل هذا، وأظهر لنا الرسول صلى الله عليه وسلم علة منعه علياً رضي الله عنه وهما علتان: العلة الأولى: أن علياً أريد منه أن يتزوج من بنت أبي جهل، فقال رسول الله: (لا والله لا تجتمع بنت رسول الله مع بنت أبي جهل في بيت واحد)، هذه علة أولى، فهذا أعدى أعداء الله ورسوله وهو فرعون هذه الأمة فكيف تجتمع بنته مع بنت أفضل البشر على الإطلاق في بيت واحد أو تحت رجل واحد؟! العلة الثانية وهي الأقوى: أن المسألة خاصة بـ فاطمة ولا تعمم على غيرها بحال من الأحوال، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن فاطمة قطعة مني يريبني ما أرابها) أي: يؤذيني ما آذاها، ومعلوم أنه لا يوجد في البشر من يساوي أو يداني منزلة الرسول عند ربه، فإذا غضب رسول الله من أجل فاطمة سيغضب على من هو سبب في إغضاب فاطمة، وهو علي، وإذا غضب رسول الله على علي غضب الله على علي من أجل غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلك.

فهذه دلالة واضحة أن هذه خصيصة لـ فاطمة وتخصيصاً لرسول الله لا يستوي معه غيره، وبذلك يظهر جلياً أن مسألة علي ليست مسألة يتغنى بها الناس ليقولوا بعدم التعدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>