للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مبشرات في زمن الاستضعاف]

نحن والله مستيقنون بربنا، في أن البشرى العظمى ستكون لأهل الإسلام، وأن أهل الإسلام ستكون لهم القيادة والريادة والسيادة، وأن الله أخفى المنحة في المحنة، وأن الله يصنع الرجال من الشدائد، وأن الله يستخرج النصر من أنياب القهر والظلم والعدوان، لكن لا يكون ذلك إلا بشرط وبقيد عظيم قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله الصحابة الكرام رضي الله عنهم، ألا وهو: التعبد والتذلل لله والتمسك بدينه جل في علاه، والرجوع إلى كتاب الله جل في علاه، والرجوع إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

إذاً: تعرف على ربك بقدرته، فإنك لن تصل إلى اليأس أبداً، ولن تصل إلى القنوط أبداً، ولن تتسخط على أقدار الله أبداً، ولن تقول: هؤلاء أهل الكفر قد عتوا في الأرض فساداً، وتربعوا على عرش الدنيا، وكل أهل الإسلام الآن في حقارة وفي ذل وفي مهانة، فلم يفعل الله بنا ذلك؟! أقول مجيباً له: تدبر لطف ربك بك، فإن الله يبتليك لترجع إليه، ينزل عليك البلاء تترى حتى يرفعك ويمكن لك، فإن الإنسان لا يمكن حتى يبتلى، قيل للشافعي: يا إمام! أيمكن المرء أم يبتلى؟ فـ الشافعي الذي يعرف ألطاف الله وأنه يخفي الخير داخل الشر قال: لا يمكن المرء حتى يبتلى.

هذه سنن كونية قد قدرها الله وكتبها من فوق عرشه في اللوح المحفوظ، فيجب علينا أن نرجع إلى ربنا، وأن نتدبر في أسمائه الحسنى وفي صفاته العلى، وأن نعبده كما عبده رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن نرمي الدنيا خلفنا ظهرياً، فنحن الذين نزعم أننا نؤم الناس ونربيهم وندعوهم، هل فعلنا ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقن بربه فقدم لذلك، أما نحن فقد تحاربنا وتنازعنا على دنيا زائلة، وتهافتنا على جيف لا يتهافت عليها إلا الكلاب، فنحن الذين أتينا بهذا البلاء، وهذا الظلم والعدوان علينا، والله لا نلومن إلا أنفسنا، فالله سبحانه لطيف خبير قدير على كل شيء، يبتلي العبد بالعبد نتيجة عمله، فإنه جل في علاه إذا كشف عن القلوب ووجد أن العمل لغيره فلن يوفق ولن يسدد ولن ينصر أبداً، وهذا من سننه الكونية سبحانه وتعالى، فإن الطائفتين إذا التقتا بسيفيهما وكانتا على الكفر فإن الله يجعل الغلبة للأقوى منهما، أما إذا كانت إحدى الطائفتين مؤمنة مستيقنة متدبرة في أوامر الله جل في علاه، والطائفة الأخرى على الكفر، وهذا واقع ومشاهد، نراه كل يوم ونسمع به، فإن الله يجعل الغلبة لأهل الإسلام لطفاً بهم؛ لأنه يحب أولياءه وينصرهم.

أختم كلامي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن دم المسلم أعظم عند الله وأشرف من الكعبة)، كما وصف ابن عباس مستيقناً في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنت الكعبة شرفك الله وعظمك، وإن حرمة دم المسلم أعظم وأشرف عند الله منك).

كونوا من أولياء الله تأتيكم المبشرات ويأتيكم النصر المبين.

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم أنزل على المؤمنين نصراً مؤزراً، اللهم ارحم آباءنا وأمهاتنا، اللهم ارحم أموات المسلمين أجمعين.

اللهم أجمع كلمتنا جميعاً تحت رايتك يا رب العالمين! وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.