إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فكنت قد وعدتكم بترجمة وجيزة للشيخ محمد بن صالح رحمة الله عليه، والأمة قد بليت بلاءً شديداً بموت الجبلين: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، ثم بموت الشيخ الألباني رحمة الله عليه، ثم بموت هذا الجبل الثالث أسكنهم الله فسيح جناته، فالأمة لم تعوض هؤلاء الثلاثة، فموت هؤلاء نذير شؤم، ونذير خراب، وسنة الله جل وعلا في العباد أنه إذا أراد أن يهلك أمة قبض خيارها أولاً، ثم بعد ذلك نزل الهلاك والبلاء الشديد العميم على هذه الأمة التي قبض الله خيارها.
ومن ذلك: أن الله جل وعلا قبل يوم القيامة يبعث ريحاً باردة تقبض أرواح المؤمنين، حتى لا يبقى في الأرض أحد يقول: الله الله، ولا يبقى على وجه الأرض إلا شرار الخلق، فينزل بهم العذاب، فالله جل وعلا إذا أراد أن يهلك قوماً قبض خيارها أولاً، فنعوذ بالله من أن ينزل علينا البلاء! ووفاءً لهذا الشيخ العظيم الجليل رحمة الله عليه لا بد أن نترجم له.