لقد بين النبي الكريم أن زاد المسافر إلى ربه هو التقلل من هذه الدنيا ثم كشف لنا عن حقارة هذه الدنيا، حيث مثلها بالشاة الميتة التي لا تساوي عند الإنسان شيئاً، فقال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم:(والله لا الدنيا أهون على الله من هذه عليكم)، وفي مسلم أيضاً عن المستورد بن شداد رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بمَ يرجع)، وروى الترمذي -بسند مقارب- عن سهل بن سعد رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) فهذه الدنيا دنية، وجيفة لا يتجمع حولها إلا الكلاب التي تتجمع حول الجيف.
وفي الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً ومتعلما) أي: أن الدنيا لا تساوي عند الله شيئاً، وهي مع ذلك ملعونة وملعون من شغفها حباً وحام حولها.
فإذا شق الزهد على المسافر واشتد عليه الأمر الذي يسافر به إلى ربه، وخطفته الدنيا بشهواتها وزينتها فعليه أن يتذكر كيف كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم, فهو أسوته وقدوته صلى الله عليه وسلم, فلقد كانت حياته من الزهد في الدنيا والتقلل منها ما يكون نبراساً لكل مسافر إلى ربه جل وعلا.