للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نظرت إلى روض الجمال بخده ... وسقيت دمعا به العين تكلف.

فصح حديث الحسن عن ورد خده ... وإن كان أضحى وهو راو مضعف.

وللشيخ الحافظ شهاب الدين ابن عباس أحمد بن فرج الإشبيلي قصيدة غريبة اقتبس فيها جميع مصطلحات علم الدراية في ألقاب الحديث وهي من غريب النظم رقة وانسجاما، وضمن أخرها لغزا، وقد شرحها جماعة من أهل المشرق والمغرب، ولا بأس بإيرادها هنا لغرابة أسلوبها وعذوبة ألفاظها وهي:

غرامي صحيح والرجا فيك معضل ... وحزني ودمعي مرسل ومسلسل.

وصبري عنكم يشهد العقل أنه ... ضعيف ومتروك وذلي أجمل.

ولا حسن إلا سماع حديثكم ... مشافهة يملى علي فأنقل.

وأمري وقوف عليك وليس لي ... على أحد إلا عليك المعول.

ولو كان مرفوعا إليك لكنت لي ... على رغم عذالي ترق وتعدل.

وعذل عذولي منكر لا أسيغه ... وزور وتدليس يرد ويهمل.

أقضي زماني فيك متصل الأسى ... ومنقطعا عما به أتوصل.

وها أنا في أكفان هجرك مدرج ... تكلفني ما لا أطيق فأحمل.

وأجريت دمعي بالدماء مذبحا ... وما هي إلا مهجتي تتحلل.

فمتفق جفني وسهدي وعبرتي ... ومفترق صدري وقلبي المبلبل.

ومؤتلف وجدي وشجوي ولوعتي ... ومختلف حظي وما منك آمل.

خذ الوجد عني مسندا ومعنعنا ... فغيري بموضوع الهوى يتحيل.

وذي نبذ من مبهم فاعتبر به ... وغامضه إن رمت شرحا فأطول.

عزيز بكم صب ذليل بعزكم ... ومشهور أوصاف المحب التذلل.

غريب يقاسي الذل منه وماله ... وحقك عن دار الهوى متحول.

فرفقا بمقطوع المسالك ماله ... إليك سبيل لا ولا عنك معدل.

ولا زلت في عز منيع ورفعة ... ولا زلت تعلو بالتجني فأنزل.

أورى بسعدي والرباب وزينب ... وأنت الذي تعنى وأنت المؤمل.

فخذ أولا من آخر ثم أولا ... من النصف منه فهو فيه المكمل.

أبر إذا أقسمت أني بحبه ... أهيم وقلبي بالصبابة يشعل.

وهذه القصيدة دالة على تمكن ناظمها ورسوخ قدمه في الفضل والأدب. وفرح بفتح الراء المهملة وبعدها حاء مهملة، وهكذا يقتضي كلام الصفدي في ضبطه، حيث قال في آخر ترجمته: ولم يزل على حاله حتى أحزن الناس ابن فرح، وتقدم غلى الله وسرح. قال بعض المتأخرين: والذي تلقيناه عن شيوخنا أنه بسكون الراء، وكان مولد الشيخ المذكور صاحب القصيدة سنة خمس وعشرون وستمائة، وتوفي تاسع جمادى الآخرة تسع وتسعين وستماية والله أعلم.

وما أحسن قول الخطيب جند بن الحسن:

روت لي أحاديث الغرام صبابتي ... بإسنادها عن بانة العلم الفرد.

وحدثني مر النسيم عن الحمى ... عن الدوح عن وادي الغضا عن ربى نجد.

بان غرامي والأسى قد تلازما ... فلن يبرحا حتى أوسد في لحدي.

ومن الاقتباس من علم الفقه: قول المتنبي:

بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها ... وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه.

قفي تغرمي الأولى من اللحظ مهجتي ... بثانية والمتلف الشيء غارمه.

المعنى أن النظرة الأولى أتلفت مهجتي فلزم أن تغرميها بنظرة ثانية لأن من أتلف شيئا لزم أن يغرمه، ولكن التركيب فيه عقادة وقلق.

وقول الأمير أبي فضل الميكالي:

أقول لشاد في الحسن فرد ... يصيد بلحظة قلب الكمي.

ملكت الحسن أجمع في نصاب ... فأد زكاة منظرك البهي.

وذاك بأن تجود لمستهام ... برجف من مقبلك الشهي.

فقال أبو حنيف لي أمام ... وعندي لا زكاة علي الصبي.

وقد رواها بعضهم على غير هذه القافية فقال:

أقول لشاد في الحسن فرد ... يصيد بلحظة قلب الجليد.

ملكت الحسن أجمع في قوام ... فلا تمنع وجوبا عن وجود.

وذلك أن تجود لمستهام ... برشف من مقبلك البرود.

فقال أبو حنيفة لي أمام ... وعندي لا زكاة على الوليد.

وروى بعضهم فيها زيادة على هذه الصورة:

أقول لشادن في الحسن فرد ... يصيد بلحظة قلب الكمي.

ملكت الحسن أجمع في نصاب ... فأد زكاة منظرك البهي.

فقال أبو حنيفة لي أمام ... يرى أن لا زكاة علي الصبي.

<<  <   >  >>