للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن تك مالكي الرأي أو من ... يرى رأي الإمام الشافعي.

فلا تك طالبا من زكاة ... فإخراج الزكاة على الولي.

وما أعذب قول أبي العلاء المعري:

أيا جارة البيت الممنع جاره ... غدوت ومن لي عندكم بمقيل.

لغيري زكاة من جمال فإن تكن ... زكاة جمال فاذكري ابن السبيل.

ومثله قول الأخر:

يا قاتلي بالجفا بحقك لا ... تأخذ على العبد في تهجمه.

عسى زكاة الجمال تخرجها ... على فقير الوصال معدمه.

ومنه قول القاضي عبد الوهاب المالكي:

ونائمة قبلتها فتنبهت ... وقالت تعالوا واطلبوا اللعن بالحد.

فقلت لها إني فديتك غاضب ... وما حكموا في غاصب بسوى الرد.

خذيها وكفي عن أثيم ظلامة ... فإن أنت لم ترضي فألف على العد.

فقالت قصاص يشهد العقل أنه ... على كبد الجاني ألذ من الشهد.

فباتت يميني وهي هميان خصرها ... وباتت يساري وهي واسطة العقد.

فقالت ألم أخبر بأنك زاهد ... فقلت لها ما زلت أزهد في الزهد.

وقول بدر الدين بن العز الحنفي:

يا رب إن العيون السود قد فتكت ... فينا وصالت بأسياف من الدعج.

وهذه قصة الشكوى إليك فخذ ... منها القصاص وحننها على المهج.

وقال عثمان بن عبد الرحمن الحنفي:

خذوا بدمي من رام قتلي بلحظه ... ولم يخش حكم الله في قاتل العمد.

وقودا به جهرا وإن كنت عبده ... ليعلم أن الحر يقتل بالعبد.

لما وقف التاج السبكي على هذين البيتين قال: لم أسمع في عمري بأسمج من هذا المقطوع، ولا رأيت قط متغزلاً يصف محبوبته، ثم يقول خذوه بدمي واقتلوه عمدا بمذهبي في المسألة الفلانية، وهذا غلبة التعصب المذهبي على الحب الطبيعي، وليس هذا مذهب ابن حنيفة، لأنه لا يقتل الحر بعبد نفسه، وإنما يقتل العبد بعبد غيره. ولما انتهيت إلى هذا خطر لي هذان البيتان:

لا يأخذ القاضي الحبيب إذا رمى ... قلبي بسهم اللحظ عند شهوده.

فالحر لا قود عليه بقتله ... عبدا وإني لم أقل عبيده.

انتهى كلام السبكي.

وقال عماد الدين الحنفي معارضا للقاضي عثمان:

أحكامنا إن قال حبي قتلته ... بأسياف الحاظي وقتلتم بعمده.

فلا تقتلوه إنني أنا عبده ... ولا حر في رأي يقاد بعبده.

ولأبي الفتح البستي في هذا المعنى وهو أقدمهم عصرا ومن ديوانه نقلت:

خذوا بدمي هذا الغلام فإنه ... رماني بسهم مقلتيه على عمد.

ولا تقتلوه إنني أنا عبده ... ولم أر حرا قط يقتل بالعبد.

ومنه قول أبي الفاضل الدرامي، وقيل: القاضي عبد الوهاب المالكي:

يزرع وردا ناضرا ناظري ... في وجنة كالقمر الطالع.

أمنع أن أقطف أزهاره ... في سنة المتبوع والتابع.

فلم منعتم شفتي قطفها ... والحكم أن الزرع للزارع.

وقد أجال عن ذلك جماعة من الأدباء، فقال بعض المغاربة:

سلمت أن الحكم ما قلتم ... وهو الذي نص على الشارع.

فكيف تبغي شفتي قطفه ... وغيرها المدعو بالزارع.

وقال الحافظ أبو عبد الله التنسي ثم التلمساني:

في ذي الذي قد قلتم مبحث ... إذ فيه إيهام على السامع.

سلمتم الحكم له مطلقا ... وغير ذا نص عن الشارع.

يعني أنه يلزم على قول المجيب أن يباح له النظر مطلقا والشرع خلافه.

وقال شيخنا حسين بن عبد الصمد العاملي رحمه الله:

لأن أهل الحب في حكمنا ... عبيدنا في شرعنا الواسع.

والعبد لا أملك له عندنا ... فحقه للسيد المانع.

وقال بعض المغاربة على غير رويه:

قل لأبي الفضل الوزير الذي ... باهى به مغربنا والشرق.

غرست ظلما وأردت الجنى ... وما لعرق ظالم حق.

وهذا مما يعين أن الأبيات لأبي الفضل الدرامي وهو:

<<  <   >  >>