للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر: أشد الفاقة عدم العقل.

ومن فصول ابن المعتز: العقل غريزة تزينها التجارب. ومنها: حسن الصورة الجمال الظاهر، وحسن العقل الجمال الباطن.

ومن الشعر السائر على وجه الدهر:

يعد شريف القوم من كان عاقلا ... وإن لم يكن في قومه بحسيب

إذا حل أرضا عاش فيها بعقله ... وما عاقل في بلدة بغريب

أرى العلم نورا والتأدب حكمة ... فخذ منهما في رغبة بنصيب

وما اجتمعا إلا لمن صح عقله ... وكم عالم للشيء غير لبيب

ذم العقل_كان يقال: إن العقل والهم لا يفترقان.

وقال ابن المعتز:

وحلاوة الدنيا لجاهلها ... ومرارة الدنيا لمن عقلا

ومن قلائد أبي الطيب:

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

فصل لابن المعتز - العقل كالمرآة المجلوة يرى صاحبه فيها مساوئ الدنيا حتى يشرب النبيذ، فإذا ابتدأ بشربه صدئ عقله بمقدار ما يشرب، فإن أكثر منه غشيه الصدأ كله حتى لا تظهر له صورة تلك المساوئ، فيفرح ويمرح. والجهل كالمرآة الصدية أبدا فلا يرى صاحبه إلا مسرورا نشيطا قبل الشرب وبعده.

وقال الحسن البصري: لو كانت للناس كلهم عقول لخربت الدنيا. وقال بعضهم: لو كان الناس كلهم عقلاء ما أكلنا رطبا ولا ماء باردا. يعني أن العاقل لا يقدم على صعود النخيل لاجتناء الرطب ولا على حفر الآبار لاستنباط المياه.

وأنشد:

لما رأيت الدهر دهر الجاهل ... ولم رأى المغبون غير العاقل

رحلت عيسا من خمور بابل ... فبت من عقلي على مراحل

مدح القلم والخط والكتابة - كان يقال: القلم أحد اللسانين، وعقول الرجال تحت أسنة أقلامها.

وقال بعض الفلاسفة: صورة الخط في الأبصار سواد، وفي البصائر بياض.

وقال إقليدس: القلم صائغ الكلام، يفرغ ما يجمعه القلب، ويصوغ ما يسبكه اللب.

وقال أيضاً: الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جثمانية.

وقال جعفر بن يحيى: لم أر باكيا أحسن تبسما من القلم.

وقال المأمون: لله در القلم كيف يحوك وشي المملكة.

وقال أبو الفتح البستي:

إذا افتخر الأبطال يوما بسيفهم ... وعدوه مما يكسب المجد والكرم

كفى قلم الكتاب فخرا ورفعة ... مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم

هذا ما اخترته في مدح الخط والقلم من الكتاب المذكور. ونضيف إليه من مختار غيره فنقول: قال صاحب كتاب أدب المسافر: الخط لليد لسان، وللخلد ترجمان فرداءته زمانة الأدب، وجودته تبلغ بصاحبه شرائف الرتب، وفيه المرافق العظام التي من الله بها على عباده فقال جل ثناؤه (وربك الأكرم الذي علم بالقلم) .

وروى جبير عن الضحاك في قوله تعالى (علمه البيان) قال: الخط، وهو لمحة الضمير، ووحي الفكر، وسفير العقل، ومستودع السر؛ وقيد العلوم والحكم؛ وعنوان المعارف، وترجمان الهمم. انتهى.

نظر أعرابي إلى فقال: كواكب الحكم في ظلم المداد.

(وقال) حكيم: القلم قيم الحكمة. إن هذه العلوم تند فاجعلوا الكتب لها حماة، والأقلام لها رعاة.

(وقال) سهل بن مروان: القلم أنف الضمير إذا رعف أعلن أسراره، وأبان آثاره.

وقيل: الأقلام رسل الكلام.

وقيل: ما أثبتته الأقلام لا تطمع في دروسه الأيام.

وقال فيلسوف: الخط لسان اليد.

قيل لنصر بن سيار: إن فلانا لا يكتب فقال: تلك الزمانة الخفية.

وزعم المنجمون: إن القلم في حساب الجمل وزنة نفاع، لأن لكل منهما من العدد مائتان وواحد.

وقال ابن الرومي وأجاد:

إن يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم

فالموت والموت لا شيء يعادله ... ما زال يتبع ما يجري به القلم

بذا قضى الله للأقلام مذ بريت ... أن السيوف لها مذ أرهفت خدم

ذم القلم والخط والكتابة: قال ابن المعتز في ذم القلم:

وأجوف مشقوق كأن شباته ... إذا استعجلتها الكف منقار لاقط

وتاه به قوم فقلت رويدكم ... فما كاتب بالكف إلا كشارط

وقال أبو العلاء المعري: لو كان في الخط فضيلة لما حرمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

<<  <   >  >>