للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أغرت جفونك بالهوى ... من كان يعرفه ومن لا

لم تبق غير حشاشة ... في مهجتي وأخاف أن لا

ورسوم قلب لم يدع ... منه الهوى إلا الأقلا

وبمهجتي من لا أسمي ... هـ وأكتمه لئلا

عانقت منه الغصن في ... حركاته قدا وشكلا

وكشفت فضل قناعه ... بيدي عن قمر تجلى

فلثمته في خده ... تسعين أو تسعين إلا

ومنه قول جمال الدين بن نباتة:

ولقد كملت فلا يقال لقد ... حزت الجمال جميع إلا

وقول ابن مكانس مع التورية:

من شرطنا أن أكسرتنا الطلا ... صرفا تداوينا بشرب اللما

نعاف مزج الماء في كأسها ... لا وأخذ الله الندامى بما

وقول صدر الدين بن عبد الحق مع زيادة التورية والاقتباس:

جهنم حمامكم نارها ... تقطع أكبادنا بالظما

وفيها عصاة لهم ضجة ... وإن يستغيثوا يغاثوا بما

ومثله قول الشيخ برهان الدين القيراطي:

بأبي شامات حسن ... قد أطالت حسراتي

كلما ساءت فعالا ... قلت إن الحسنات

وقول ابن أبي حجلة مع التضمين:

شمس الضحى بعد العشا ... زارت فزال تلهفي

واستقبلت قمر السما ... فأرتني القمرين في

وقوله يرثي أخا له:

أخي تركتني فقضيت نجا ... فدمعي قد ملا حزنا وسهلا

وكل أخ مفارقه أخوه ... كذا قالوا لعمر أبيك إلا

يشير إلى قول الشاعر:

وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان

ومن بديع الاكتفاء مع زيادة التورية ما اتفق للشيخ شهاب الدين التلعفي مع شمس الدين الشيرجي، وذلك أنهما حضرا بين يدي الملك الناصر في ليلة أنس، فاتفق أن الشيرجي ذهب لضرورة وعاد، فأشار إليه الملك الناصر بصفع التلعفري (فصفعه، فنهض) التلعفري على الفور، وقبض على لحية الشيرجي - وكان رجلا ألحى _.

وأنشد ارتجالا ويده فيها:

قد صفعنا في ذا المقام الشريف ... وهو إن كنت ترتضي تشريفي

فارث للعبد من مصيف صفاع ... يا ربيع الندى وإلا خري في

ومنه قول الأديب لاعبده من أدباء العصر بالمدينة المنورة على ساكنها وآله الصلاة والسلام مؤرخا دارا بناها بعض قضاة تلك الديار:

صاح بين النقا وبين المصلى ... منزل في حلى المفاخر يجلى

مجلس من أتاه يسمع منه ... مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا

فيه حبر وهمت بل فيه بحر ... جامع للعلوم عقلا ونقلا

جاء سهل التاريخ من غير عيب ... هكذا من أراد يبني وإلا

وقلت أنا في ذلك:

يا عاذلي في الأماني ... أكثرت في العذل قولا

دعني أعلل نفسي ... ما أضيق العيش لولا

وهو من قول الطغرائي في لامية العجم:

أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

تنبيه - قد تبين من الأمثلة المذكورة أن الاكتفاء قد يكون بحذف المستثنى، ومعمول الجوازم، والجار، والصلة، من غير دلالة صلة أخرى عليها، وكل ذلك عند النحويين ضرورة.

قال الحافظ السيوطي في جمع الجوامع: واستحسن أهل البديع بعض ما سماه النحاة ضرورة، كحذف معمول الجوازم المسمى بالاكتفاء، فإن اشتمل على تورية تصرفه عنه - أي عن الاكتفاء - فأحسن. انتهى.

وقيل على هذا: يرد على البديعيين أن المحسنات البديعية إنما تعد محسنة بعد رعاية الفصاحة، فما خالفها يعد قبيحا، فكيف تعد الضرورة من المحسنات؟.

وأما النوع الثاني من الاكتفاء وهو الذي يكون ببعض الكلمة.

فهو حذف بعض حروف القافية من آخرها لدلالة الباقي عليه. واحترزنا (بالقافية) عن غيرها.

كقوله:

فنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... طريف بن مال ليلة الجوع والحصر

أي ابن مالك. وبقولنا (من آخرها) عن مثل قوله (غرثى الوشاحين صموت الخلخل) أي الخلخال، فلا يسمى ذلك كله اكتفاء عند البديعين. وقد يسمى في غير هذا العلم بالاقتطاع، ولا يختص بالقافية.

وسماه ابن جني في كتاب التعاقب بالإيماء وعقد له بابا، فقال باب الإيماء وهو الاكتفاء عن الكلمة بحرف من أولها.

وسماه ابن فارس في فقه اللغة بالقبض. وهو وارد في القرآن والحديث وكلام العرب.

<<  <   >  >>