للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشعار عبد بني الحسحاس قمن له ... عند الفخار مقام الأصل والورق

إن كنت عبدا فنفسي حرة كرما ... أو أسود اللون إني أبيض الخلق

ومن دقيق شعره الذي يعد من المطرب في هذا الباب قوله في أخت مولاه وقد مرضت:

ماذا يريد السقام من قمر ... كل جمال لوجهه تبع

ما يرتجى ... خاب

من محاسنها

أما له في القباح متسع

وأنشد عمر بن الخطاب أيضاً قوله:

توسدني كفا وتثني بمعصم ... علي وتلوي رجلها من ورائيا

فقال له عمر: ويلك إنك مقتول, فكان كذلك. فإنه لما أكثر تعرضه للنساء وتشبيبه بهن قال مولاه لقومه: إن هذا العبد قد فضحنا, فقالوا اقتله ونحن طوعك فمسكوه.

فمرت به امرأة كان بينها وبينه مودة فهجرها فضحكت شماتة فقال:

فإن تضحكي مني فيا رب ليلة ... تركتك فيها كالقباء المفرج

ولما أرادوا قتله نادى ما منكم امرأة إلا وقد أصبتها, فقتلوه.

ومنه قول ذي الرمة غيلان:

إذا هبت الأرواح من كل جانب ... به آل مي هاج قلبي هبوبها

هوى تذرف العينان منه وإنما ... هوى كل نفس حيث حل حبيبها

وقوله أيضاً:

وإلا يكن إلا تعلة ساعة ... قليل فإني نافع لي قليلها

ومنه قول جميل بثينة وهو من المرقص المطرب:

ولما تراجعنا الذي كان بيننا ... جرى الدمع من عيني بثينة كالكحل

كلانا بكى أو كاد يبكي صبابة ... إلى إلفه واستعجلت عبرة قبلي

يقولون مهلاً يا جميل وإنني ... لا قسم مالي عن بثينة من مهل

فيا ويح نفسي حسب نفسي الذي بها ... ويا ويح أهلي ما أصيب به أهلي

وقوله أيضاً: ألا هل إلى إلمامة أن ألمتها=بثينة يوماً في الحياة سبيل

فإن هي قالت لا سبيل فقل لها ... عناء على العذري منك طويل

وما شرقي بالماء إلا تذكرا ... لماء به أهل الحبيب نزول

يحرمه لمع الأسنة فوقه ... فليس الظمآن إليه سبيل

فيا أثلاث القاع من بطن توضح ... حنيني إلى أطلالكن طويل

ويا أثلاث القاع قلبي موكل ... بكن وصبري دونكن قليل

ويا أثلاث القاع قد مل صحبتي ... مسيري فهل في ظلكن مقيل

فاشرب من ماء الحجيلاء شربة ... يداوى بها قبل الممات عليل

أريد انصبابا نحوكم فيصدني ... ويمنعني دين علي ثقيل

أحدث نفسي عنك أن لست راجعاً ... إليك فحزني في الفؤاد دخيل

قال صاحب الأغاني: ولجميل قصيدة يائية من الطويل, والناس يخلطون بين أبياتها وبين أبيات يائية المجنون وهي:

ألا طال كتماني بثينة حاجة ... من الحاج ما تدري بثينة ما هي

أخاف إذا أنبأتها أن تضيعها ... فتتركها ثقلاً علي كما هيا

أغرك إني لا بخيل عليكم ... ولا مفحش فيما لديك التقاضيا

أعد الليالي ما نأيت ولم أكن ... لما مر من دهري أعد اللياليا

ذكرتك بالديرين يوماً فأشرقت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا

إذا اكتحلت عيني بعينك لم يزل ... قريرا وجلت غمرة عن فؤاديا

فأتت التي إن شئت كدرت عيشتي ... وإن شئت بعد الله أنعمت باليا

وأنت التي ما من صديق ولا عدى ... يرى نضو ما أبقيت ألا رثى ليا

وأخبرتماني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الضيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت ... فما للنوى ترمى بليلى المراميا

وإني لتثنيني الحفيظة كلما ... رأيتك يوماً إن أبثك ما بيا

وما زلت بي يا بثن حتى لو أنني ... من الشوق استبكي الحمام بكى لي

إذا خدرت رجلي وقيل شفاؤها ... دعاء حبيب كنت أنت دعائيا

وما زادني النأي المفرق بيننا ... سلوا ولا طول التلاقي تقاليا

ولا زادني الواشون إلا صبابة ... ولا كثرة الناهين إلا تماديا

ألم تعلمي يا عذبة الريق أنني ... أظل إذا لم أسق ريقك صاديا

لقد خفت أن ألقى المنية بغتة ... وفي النفس حاجات إليك كما هيا

وممن خلط بين أبيات هذه القصيدة وأبيات قصيدة المجنون, ابن حجة في شرح بديعيته, وجعل أول قصيدة المجنون قول جميل هذه القصيدة:

<<  <   >  >>