للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

أيها النائمون حولي أعينو ... ني على الليل حسبة وائتجارا

حدثوني عن النهار حديثا ... وصفوه فقد نسيت النهارا

وقوله:

لو كنت عاتبة لسكن روعتي ... أملي رضاك وزرت غير مراقب

لكن مللت فلم تكن لي حيلة ... صد الملول خلاف صد العاتب

ما ضر من قطع الرجاء بهجره ... لو كان عللني بوعد كاذب

وقوله:

قد سحب الناس أذيال الظنون بنا ... وفرق الناس فينا قولهم فرقا

فكاذب قد رمى بالحب غيركم ... وصادق ليس يدري أنه صدقا

وقوله:

تحمل عظيم الذنب ممن تحبه ... وإن كنت مظلوما فقل أنا ظالم

فإنك أن لا تغفر الذنب في الهوى ... يفارقك من تهوى وأنفك راغم

وقوله:

أبكي الذين أذاقوني مودتهم ... حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا

فاستنهضوني فلما قمت منتصبا ... بثقل ما حملوني منهم قعدوا

لا خرجن من الدنيا حبهم ... بين الجوانح لم يشعر به أحد

وقوله:

يا أيها الرجل المعذب نفسه ... أقصر فإن شفاءك الإقصار

نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينا لغيرك دمعها مدرار

من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عينا للدموع تعار

وقوله:

إذا أنت لم تعطفك إلا شفاعة ... فلا خير في ود يكون بشافع

وأقسم ما تركي عتابك عن قلى ... ولكن لعلمي أنه غير نافع

واني إن لم ألزم الصبر طائعا ... فلا بد منه مكرها غير طائع

وقوله:

أحرم منكم بما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا

صرت كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق

وقوله:

تعب يطول مع الرجاء الذي الهوى ... خير له من راحة في اليأس

لولا محبتكم لما عاتبتكم ... ولكنني عندي كبعض الناس

حكى عمر بن شبة قال: مات إبراهيم الموصلي المعروف بالنديم سنة ثمان وثمانين ومائة, ومات في ذلك اليوم الكائي النحوي, والعباس بن الأحنف وهشيمة الخمارة, فرفع ذلك إلى الرشيد, فأمر المأمون أن يصلي عليهم, فخرج فصفوا بين يديه فقال: من هذا الأول؟ فقالوا: إبراهيم الموصلي, فقال: أخروه وقدموا العباس بن الأحنف, فقدم فصلى عليه. فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال: يا سيدي كيف آثرت العباس بن الأحنف بالتقديم على من حضر؟ قال: بقوله:

وسعى بها ناس قالوا إنها ... لهي التي تشقى بها وتكابد

نجدتهم ليكون غيرك ظنهم ... إني ليعجبني المحب الجاحد

ثم قال: أتحفظهما؟ فقلت: نعم وأنشدته, فقال لي المأمون: أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقدم؟ فقلت: بلى والله يا سيدي. انتهى.

قلت: هكذا أورد هذه الحكاية غير واحد من المؤرخين, غير أن ابن خلكان وغيره تعقب صحتها بأن الكسائي توفي بالري سنة تسع وثمانين ومائة, وقيل بطوس سنة اثنين أو ثلاث وثمانين ومائة, والعباس توفي سنة اثنين وتسعين لأن الرشيد مات ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين بمدينة طوس. قال ابن خلكان: وقال غيره: ومما يكذب هذه الحكاية أن المأمون ما كان ممن يقدم العباس بن الأحنف على مثل الكسائي وهو شيخه وأستاذه, مع منزلته عند الرشيد والله أعلم.

ومنه قول مسلم بن الوليد من قصيدته التي لقب بها صريع الغواني أولها:

أديرا علي الكاس لا تشربا قبلي ... ولا تطلبا من عند قاتلتي ذحلي

فما جزعي أني أموت صبابة ... ولكن على من لا يحل لها قتلي

كتمت تباريح الصبابة عاذلي ... فلم يدر ما بي واسترحت من العذل

أحب التي صدت وقالت لتربها ... دعيه الثريا منه أقرب من وصلي

أماتت وأحيت مهجتي فهي عندها ... معلقة بين المواعيد والمطل

سأنقاد للذات متبع الهوى ... لا مضى هماً أو أصيب فتى مثلي

هل العيش ألا أن تروح مع الصبا ... وتغدو صريح الكأس والأعين النجل

يقال أنه أنشدها بحضرة الرشيد فلما بلغ هذا البيت سماه صريع الغواني.

ومنه قول أبي نواس:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... ودواني بالتي كانت هي الداء

صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء

<<  <   >  >>