للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من كف ذات حر في زي ذكر ذكر ... لها محبان لوطي وزناء

قامت بإبريقها والليل متعكر ... فلاح من وجهها في البيت لألاء

فأرسلت من فم الإبريق صافية ... كأنما أخذها بالعقل إعفاء

رقت عن الماء حتى لا يلائمها ... لطافة وجفا عن شكلها الماء

فلو مزجت بها نورا لمازجها ... حتى تولد أنوار وأضواء

دارت على فتية ذل الزمان لهم ... فما يصيبهم إلا بما شاؤا

لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة ... كانت تحل بها هند وأسماء

فقل لم يدعي في الحب فلسفة ... حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء

وقوله:

قامت بكأس إلى ناش على طرب ... كلاهما عجب في منظر عجب

قامت تريني وأمر الليل مجتمع ... صبا تولد بين الماء والعنب

كأن صغري وكبرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب

ويتعلق بهذا البيت حكاية لطيفة, وبحث نحوي.

أما الحكاية فهي ما ذكره المؤرخون, من أن المأمون ليلة دخوله ببوران بنت الحسن بن سهل فرش له حصير منسوج بالذهب, فلما وقف عليه نثرت على قدميه لآلي كثيرة, فلما رأى تساقط اللآلي المختلفة على الحصير المنسوج بالذهب قال: قاتل الله أبا نواس كأنه شاهد هذا الحال حين قال في صفة الخمر والحباب (كأن صغرى وكبرى من فواقعها) .

وأما البحث فهو أنه يجب استعمال (فعلى أفعل) بأل, أو بالإضافة, وقد استعملها أبوا نواس بدونهما فهو لحن. وأجاب بعضهم بأن (من) زائدة, فصغرى وكبرى مضافان, على حد قوله: بين ذراعي وجبهة الأسد. ورد بان (من) لا تقحم في الإيجاب. ولا مع تعريف المجرور.

والجواب الصحيح: أن اسم التفضيل المجرد إذا قصد أصل الفعل لا المفاضلة, فتكون (صغرى) , و (كبرى) في البيت بمعنى صغيرة, وكبيرة, فلا لحن فتأمل.

وقال أبي نواس أيضاً:

كأن ثيابه أطلع ... ن من أزراره قمرا

يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا

بعين خالط التفتير من ... أجفانها الحورا

وخد سابري لو تصوب ... ماؤه قطرا

ومنه قول الحسين بن الضحاك الملقب بالخليع:

إذا ما الماء أمكنني ... وصفو سلافة العنب

صببت الفضة البيضا ... ء فوق قراضة الذهب

وقوله:

وصف البدر حسن وجهك حتى ... خلت أني وما أراك أراكا

وإذا ما تنفس النرجس الغض توسمنته بسيم شذاكا

خدع للمنى تعللني فيك ... بإشراق ذا وبهجة ذاكا

لا دومن يا حبيبي على العه ... د لها وذاك إذ حكياكا

وقوله:

بأبي زور تلفت له ... وتنفست عليه صعدا

بينما أضحك مسروا به ... إذ تقطعت عليه كمدا

وقوله:

تمنيت أن أسقى بعينيه شربة ... تذكرني ما قد نسيت من العهد

سقى الله عيشا لم أبت فيه ليلة ... من الدهر إلا من حبيب على وعد

وقول أبي العتاهية:

لهفي على الزمن القصير ... بين الخورنق والسدير

إذ نحن في غرف الجنا ... ن نعوم في بحر السرور

في فتية ملكون عنا ... ن الدهر أمثال الصقور

ما منهم إلا الجسور ... على الهوى غير الحصور

يتعاورون مدامة ... صهباء من حلب العصير

عذراء رباها شعاع ال ... شمس في حر الهجير

لم تدن من نار ولم ... يعلق بها وضر القدور

ومقرطق يمشي أمام القوم ... كالرشأ الغرير

بزجاجة تستخرج السر ... الدفين من الضمير

زهراء مثل الكوكب ال ... دري في كف المدير

تدع الكريم ليس يد ... ري ما قبيل من دبير

ومخصرات زرننا ... بعد الهدو من الخدور

ريا رواد فهن يل ... بسن الخواتم في الخصور

غر الوجوه محجبا ... ت قاصرات الطرف حور

متغمسات في النعي ... م مضخمات بالعبير

يرفلن في حلل المحا ... سن والمجاسد والحرير.

ومن الانسجام المرقص قول ديك الجن الحمصي:

أنظر إلى شمس القصور وبدرها ... وإلى خزاماها وبهجة زهرها

لم تبل عينك أبيضا في أسود ... جمع الجمال كوجهها في شعرها

وردية الوجنات يختبر اسمها ... من نعتها من لا يحيط بخبرها

وتمايلت فضحكت من أردافها ... عجبا ولكني بكيت لخصرها

<<  <   >  >>