للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حالة نكر

فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك قالت أيهم فهم كثير

فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر

فلا تنكريني يا ابنة العم إنني ... ليعرف ما أنكرته البدو والحضر

وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين أنساني ألح بي الهجر

فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولي العذر

واني لحراب بكل مخوفة ... كثير إلى نزالها النظر الشزر

فأظمأ حتى ترتوي البيض والقنا ... واسغب حتى يشبع الذيب والنسر

ويا رب دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى وأنا والفجر

وما حاجتي بالمال أبغي وفوره ... إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر

وقال أصيحا بي الفرار أو الردى ... فقلت هما أمران أحلاهما مر

ولكنني أمضي لما لا يعيبني ... وحسبك من أمرين خيرهما الأسر

أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربه غمر

ولكن إذا حم القضاء على امرئ=فليس له بر يقيه ولا بحر

هو الموت فاختر ما علا لك ذكره ... ولم يمت الإنسان ما حيي الذكر

ولا خير في دفع الردى بمذلة ... كما ردها يوما بسوءته عمرو

فإن عشت فالطعن الذي تعرفونه ... وتكل القنا والبيض والضمر الشقر

وإن مت فالإنسان لا بد ميت ... وإن طالت الأيام وانفسح العمر

يمنون أن خلوا ثيابي وإنما ... على ثياب من دمائهم حمر

وقائم سيف فيهم اندق نصله ... وأعقاب رمح فيهم حطم الصدر

سيذكرني قومي إذا جد جدها ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

ولو سد غير ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر

ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر

تهون علينا في المالي نفوسنا ... ومن خطب الحسناء لم يغله المهر

وهي من غرر قصائده, ومع شهرتها فهذا المقدار كاف منها.

وقوله من أخرى:

وطال الليل بي ولرب دهر ... نعمت به لياليه قصار

وندماني السريع إلى ندائي ... على عجل وأقداحي الكبار

وكم من ليلة لم أرو منها ... حننت لها وأرقني أدكار

قضاني الدين ماطله وأوفى ... إلي بها الفؤاد المستطار

فبت أعل خمر من رضاب ... لها سكر وليس لها خمار

إلى أن رق ثوب الليل عنا ... وقالت قم فقد برد السوار

وقوله في النسيب:

من أين للرشأ الغرير الأحور ... في الخد مثل عذراء المتحدر

قمر كأن بعارضيه كليهما ... مسكا تساقط فوق ورد أحمر

وقوله أيضاً:

تبسم إذ تبسم عن أقاح ... وأسفر حين أسفر عن صباح

وأتحفني براح من رضاب ... وراح من جنى خد وراح

فمن لألاء غرته صباحي ... ومن صهباء ريقته اصطباحي

وقوله أيضاً:

أساء فزادته الإساءة حظوة ... حبيب على ما كان منه حبيب

يعد علي الواشيان ذنوبه ... ومن أين للوجه المليح ذنوب

وقوله وهو من المطرب:

قمر دون حسنه الأقمار ... وكثيب من النقا مستعار

وغزال فيه نفار وما ين ... كر من شيمة الظباء النفار

لا أعاصيه في اجتراح المعاصي ... في هوى مثله تطيب النار

قد حذرت الملاح دهرا ولكن ... ساقني نحو حبه المقدار

كم أردت السلو فاستعطفتني ... رقية من بين أصحابي

وقوله وهو من المرقص:

هبت لنا ريح شآمية ... متت إلى القلب بأسباب

أدت رسالات الهوى بيننا ... فهمتها من بين أصحابي

قال في اليتيمة: كان الصاحب يستطرف هذين البيتين ويستملحهما ويكثر الإعجاب بهما. انتهى.

قلت: ورأيت في كتب كثير من الأدباء المتأخرين كابن حجة والنواجي نسبة هذين البيتين إلى أبي نواس, وهو غلط, والصواب أنهما لأبي فراس, وأظن القائل بذلك تصحف عليه أبو فراس بأبي نواس, فإن صورتها في الخط قريبة والله أعلم.

وقوله رحمه الله تعالى:

قد كنت عدتي التي أسطوبها ... يدي إذا اشتد الزمان وساعدي

فرميت منك بضد ما أملته ... والمرء يشرق بالزلال البارد

<<  <   >  >>