للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يفرح هذا الورى بعيدهم ... طرا وأعيادنا مآتمنا

وعدوا من الانسجامات المطربة قول محمد بن صالح العلوي:

وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألق موهنا لمعانه

يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمتع أركانه

فبدا لينظر أين لاح فلم يطق ... نظرا إليه وصده سبحانه

فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه

ومن الانسجامات المرقصة قول أبي الحسين علي بن محمد الحماني العلوي:

يا شادنا أفرغ من فضه ... في خده تفاحة غضة

كأنما القبلة في خده ... للحسن من رقته عضه

يهتز أعلاه إذا ما مشى ... وكله في لينه قبضه

أرحم فتى لما تملكته ... أقر بالرق فلم ترضه

وقوله أيضاً رحمه الله:

بأبي فم شهد الضمير ... قبل المذاق بأنه عذب

كشهادتي لله خالصة ... قبل العيان بأنه الرب

والعين لا تغني بنظرتها حتى يكون دليلها القلب

وقوله في الفخر:

لنا من هاشم هضبات مجد مطنبة بأبراج السماء

تطوف بنا الملائك كل يوم ... ونكفل في حجور الأنبياء

ويهتز المقام لنا ارتياحا ... ويلقانا صفاه بالصفاء

ومنه قول ابن المعتز:

سقى المطيرة ذات الظل والشجر ... ودير عبدون هطال من المطر

وطالما نبهتني للصبوح بها ... في غرة الفجر والعصفور لم يطر

أصوات رهبان في دير صلاتهم ... سود المدارع نعارين في السحر

مزترين على الأوساط قد جعلوا ... على الرؤوس أكاليلا من الشعر

كم فيهم من مليح الوجه مكتحل ... بالسحر يطبق جفنيه على حور

لاحظته بالهوى حتى استطاب له ... طوعا وأسلفته الميعاد بالنظر

وجاءني في قميص الليل مستترا ... مستعجل الخطو من خوف ومن حذر

فقمت أفرش خدي في الطريق له ... ذلا وأسحب أذيالي على الأثر

ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر

وكان ما كان مما لست أذكره ... فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر

وقوله وهو من المطرب في هذا الباب:

ومقرطق يسعى إلى الندماء ... بعقيقة في درة بيضاء

والبدر في أفق السماء كدرهم ... ملقى على ياقوته زرقاء

كم ليلة قد سرني بمبيته ... عندي بلا خوف من الرقباء

مهفهف عقد الشراب لسانه ... فحديثه بالرمز والإيماء

حركته بيدي وقلت له انتبه ... يا فرحة الخلطاء والندماء

فأجابني والخمر يخفض صوته ... بتلجلج كتلجلج الفأفاء

إني لأفهم ما تقول وإنما ... غلبت علي سلافة الصهباء

دعني أفيق من الخمار إلى غد ... واحكم بما تختار يا مولائي

وقوله وهو من المرقص:

ما أقصر الليل على الراقد ... وأهون السقم على العائد

تفديك ما أبقيت من مهجتي ... لست لما أوليت بالجاحد

كأنني عانقت ريحانة ... تنفست في ليلها البارد

فلو ترانا في قميص الدحى ... حسبتنا في جسد واحد

ومنه قول ابن الرومي:

بلد صبحت به الشبيبة والصبا ... ولبست ثوب العيش وهو جديد

وإذا تمثل في الضمير رأيته ... وعليه أغصان الشباب تميد

وقول السري الرفاء:

قامت وخوط البانة ال ... مياس في أثوابها

ويهزها سكران سك ... ر شرابها وشبابها

تسمى بصهبائين من ... ألحاظها وشرابها

فكأن كأس مدامها ... لما ارتدت بحبابها

توريد وجنتها إذا ... ما لاح تحت نقابها

وقوله أيضاً:

ومن وراء سجوف الرقم شمس ضحى ... تجول في جنح ليل مظلم داج

مقدودة خرطت أيدي الشباب لها ... حقين دون مجال العقد من عاج

قال الثعالبي: عهدي بأبي بكر الخوارزمي يحن على هذا الوصف.

وقوله وهو من المطرب:

قم فانتصف من صروف الدهر والنوب ... واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب

أما ترى الصبح قد قامت عساكره ... في الشرق ينشر أعلاما من الذهب

والجو يختال في حجب ممسكة ... كأنما البرق فيها قلب ذي رعب

تجنبتك صروف الدهر فانصرفت ... وقابلتك سعود العيش عن كثب

<<  <   >  >>