للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنا والله سيدي ... آيس من سلامتي

أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي

ومنه قول أبي الحسن علي بن هارون المنجم وهو مما يتغنى به:

بيني وبين الدهر فيك عتاب ... سيطول إن لم يغنه الإعتاب

يا غائبا بوصاله وكتابه ... هل يرتجى من غيبتك إياب

لولا التعلل بالرجاء تقطعت ... نفس عليك شعارها الأوصاب

لا يأس من فرج الإله فربما ... يصل القطوع ويقدم الغياب

وقوله:

سقى الله أياما لنا ولياليا ... مضين فلا يرجى لهن رجوع

إذ العيش صاف والأحبة جيرة ... جميعاً وإذ كل الزمان ربيع

وإذ أنا أما للعواذل في الصبا ... فعاص وأما للهوى فمطيع

قال الصاحب رحمه الله تعالى: هذا الشعر إن شئت كان أعرابياً في شملته, وإن أردت كان عراقيا في حلته.

وقوله من قصيدة صاحبية:

ولما تنسمنا صبا صاحبيه ... تعيد عجاج الجو وهو عبير

تركنا الظي الرمضاء وهي حديقة ... ندى وحصى المزاء وهي شذور

ونلنا هشيم النبت وهو منور ... وجزنا قتاد الأيك وهو حرير

وزير ومما يعجب الناس أنه ... وزير عليه للسماح أمير

ويخطب من فوق الثريا بفخره ... فلا تعجبوا أن الخطيب خطيرا

وقوله من أخرى فيه وهي من قلائده:

هذا فؤادك نهبا بين أهواء ... وذاك رأيك شورى بين آراء

هواك بين العيون النجل مقتسم ... داء لعمرك ما أدواه من داء

لا تستقر بأرض أو تسير إلى ... أخرى بشخص غريب عزمه نائي

يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال ... عذيب يوما ويوما بالخليصاء

وتارة تنتحي نجدا وآونه ... شعب العقيق وطورا قصر تيماء

قال أبو عبد الله محمد بن حامد الحامدي: عهدي بأبي محمد الخازن ماثلاً بين يدي الصاحب ينشده هذه القصيدة, فرأيت الصاحب مقبلا عليه بمجامعه, حسن الإصغاء إليه, مستعيدا لأكثر أبياته, مظهرا من الإعجاب به والاهتزاز لهل ما تعجب الحاضرون منه.

فلما بلغ قوله:

أدعى بأسماء نبزا في قبائلها ... كأن أسماء أضحت بعض أسمائي

أطلعت شعري وألقت شعرها طربا ... فألفا بين إصباح وإمساء

زحف عن دسته طربا. فلما بلغ قوله بالمدح:

لو أن سبحان باراه لا سحبه ... على خطابته أذيال فأفاء

أرى الأقاليم قد ألقت مقالدها ... إليه مستبقات أي إلقاء

فساس سبعتها منه بأربعة ... أمر ونهي وتثبيت وإمضاء

كذاك ألوى الهدى منه بأربعة ... كفر وجبر وتشبيه وإرجاء

جعل يحرك رأسه مستحسنا. فلما قال:

نعم تجنب (لا) يوم العطاء كما ... تجنب ابن عطاء لثغة الراء

استعاده وصفق بيديه. فلما ختمها بهذه الأبيات:

أطري وأطرب بالأشعار أنشدها ... أحسن ببهجة إطرابي وإطرائي

ومن منائح مولانا مدائحه ... لان من زنده قدحي وإيرائي

فخذ إليك ابن عباد محبرة ... لا البحتري يدانيها ولا الطائي

قال: أحسنت أحسنت والله أنت. وتناول النسخة, وتشاغل بإعارتها نظره, ثم أمر له بخلعة وحملان وصلة.

ومن البديع المطرب قول أبي عثمان سعيد بن هاشم الخالدي:

أدن من الدن يا فداك أبي ... وأشرب وسق الكبير وانتخب

أما ترى الطل كيف يلمع في ... عيون نور يدعو إلى الطرب

في كل عين للطل لؤلؤة ... كدمعة في جفون منتحب

والصبح قد جردت صوارمه ... والليل قد هم منه بالهرب

والجو في حلة ممسكة ... قد كتبتها البروق بالذهب

فهاتها كالعروس محمرة ال ... خدين في معجز من الحبب

كادت تكون الهواء في أرج ال ... عنبر لو لم تكن من العنب

في كف را عند الصدود وقد ... غضبت من حبه على الغضب

فلو ترى الكأس حين يمزجها ... رأيت شيئاً من أعجب العجب

نار حواها الزجاج يلهبها ال ... ياء ودر يدور في لهب

وقول أبي العلاء السروي في غلام سكران, وهو مما يتغنى به:

بالورد في وجنتيك من لطمك ... ومن سقاك المدام لم ظلمك

خلاك لا تستفيق من سكر ... توسع شتما وجفوة خدمك

مشوش الصدغ قد ثملت فما ... تمنع من لثم عاشقيك فمك

<<  <   >  >>