للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نصل العام وما أنساكم ... وقصارى الوجد أن أسلخ عاما

حملوا ريح الصبا نشركم ... قبل أن تحمل شيحا وثماما

وابعثوا أشباحكم لي في الكرى ... إن أذنتم لجفوني أن تناما

وقف الظامي على أبوابكم ... أفيقضي وهو لم يشف أواما

ما يبالي من سقيتن اللمى ... منعكن الماء عنه والمداما

أشتكيكم وإلى من أشتكي ... شمل الداء فمن يبري السقاما

وقال في صدر أخرى:

ليتها إذ منعت ماعونها ... لم تكن ناهرة مسكينها

دمية ما اجتمع والشمس في ... موطن إلا رأتها دونها

ما عليها إذ أطاعت حسنها ... يوم جمع لو أطاعت دينها

نسكت بين المصلى ومنى ... حجة لم تتبع مسنونها

تصف الظبية إلا عطفها ... لك والبانة إلا لينها

فأسالت أنفسا معجلة ... لم تشارف من كتاب حينها

أنبلتها وهي لا سهم لها ... إنما ألحاظها يكفينها

سألت ظمياء من ذا فتنت ... أي قلب لم يكن فمتونها

يا ابنة المثنى عليهم بالندى ... وعهود حرموا تخوينها

ما لهم جادوا وأبخلت وما ... للمواثيق التي تلوينها

رمست عند عادات لهم ... كان حق المجد لو تحيينها

أزف النفر وفي أسرى الهوى ... كبد عند لا تفدينها

ذهبت هائمة فأطلعت ... عذرة تحسبها مجنونها

قضي الحج تماما ولنا ... حاجة بعد نهل تقضينها

ما بك الصد ولكن وفرة ... لونتها نوب تلوينها

كالقطا مرَّ عليها قانص ... أخذ الكر وبقى جونها

وإنما آثرت إيراد هذا المقدار من رقائق مهيار لغرابة أسلوبه في طريقته وتفرده في مجازه وحقيقته, وعزة وجود ديوانه في هذا الزمن الذي وقف فيه الأدب على ثنية الوداع, وهم قبلي مزنه بالإقلاع والله المستعان.

ومن الغايات في باب الانسجام قول أبي عبد الله محمد بن نصر المعروف بابن القيسراني

بالسفح من نعمان لي ... قمر منازله القلوب

حملت تحيته الشمال ... فردها عني الجنوب

فرد الصفات غريبها ... والحسن في الدنيا غريب

لم أنس ليلة قال لي ... لما رأى جسدي يذوب

بالله قل لي من أعللك يا ... فتى قلت الطبيب

وقول أبي بكر محمد بن الصائغ الأندلسي:

أسكان نعمان الأرك تيقنوا ... بأنكم في ربع قلبي سكان

ودوموا على حفظ الوداد فطالما ... بلينا بأقوام إذا ائتمنوا خانوا

سلو الليل عني مذ تناءت دياركم ... هل اكتحلت بالغمض لي فيه أجفان

وقول أبي إسحاق إبراهيم بن خفاجة الأندلسي:

ألا ساجل دموعي يا غمام ... وطارحني يشجوك يا حمام

فقد وفيتها ستين حولا ... ونادتني ورائي هل أمام

وكنت من الباناتي لبينى ... هناك ومن مراضعي المدام

يطالعنا الصباح ببطن حزوى ... فيعرفنا وينكرنا الظلام

وكان به البشام مراح أنس ... فيالله ما فعل البشام

فيا شرخ الشباب ألا لقاء ... يبل به على برح أوام

ويا ظل الشباب وكنت تندى ... على أوفياء دوحتك السلام

وقول أبي عبد الله محمد بن بختيار المعروف بالأبله البغدادي:

زار من أحيا بزورته ... والدجى في لون طرته

قمر يثني معاطفه ... بانة في طي بردته

بت أستجلي المدام على ... غرة الواشي وغرته

يا لها من ليلة قصرت ... وأماتت طول جفوته

يا له من الحسن من صنم ... كلنا في جاهليته

وقول موفق الدين محمد بن يوسف الأربلي:

رب دار بالفضا طال بلاها ... عكف الركب عليها فبكاها

درست إلا بقايا أسطر ... سمح الدهر بها ثم محاها

كان لي فيها زمان وانقضى ... فسقى الله زماني وسقاها

وقفت فيها الغوادي وقفة ... ألصقت حر ثراها بحشاها

وبكت أطلالها نائبة ... عن جفوني أحسن الله جزاها

قل الجيران مواثيقهم ... كلما أحكمتها رثت قواها

كنت مشغوفا بكم إذ كنتم شجرا لا يبلغ الطير ذراها

لا تبيت الليل إلا حولها ... حرس ترشح بالموت ظباها

وإذا مدت إلى أغصانها ... كف جان قطعت دون جناها

<<  <   >  >>