للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما ركب البيداء لو لم يكن رشا ... ولا صدع الديجور لو لم يكن بدرا

لحاظ كأن السحر فيها علامة ... تعلم هاروت الكهانة والسحرا

وقد هو الغصن الرطيب كأنما ... كسته تلابيب الصبا ورقا نضرا

رتقت على الواشين فيه مسامعا ... طريق الردى منها إلى كبدي وعرا

أعاذلتي واللوم لؤم ألم تري ... كأن بها عن كلا لائمة وقرا

بفيك الثرى ما أنت والنصح إنما ... رأيت بعينيك الخيانة والغدرا

وما للصبا يا ويح نفسي من الصبا ... تبيت تناجي طول ليلتها البدرا

تطارحه القول حق وباطل ... أحاديث لا تبقي لمستودع سرا

وتلقي على النمام فضل ردائها ... فيعرف للأشواق في طيها نشرا

تعانقها خوف النوى ثم تنثني ... تمزق من غيظ على قدك الأزرا

ألما ترى بأن النقا كيف هذه ... تميل بعطفيها حنوا على الأخرى

وكيف وشى غصن إلى غصن هوى ... وأبدى فنونا من خيانته تترى

فمن غصن يومي إلى غصن هوى ... ومن رشأ يوحي إلى رشأ ذكرى

هما عذلاني في الهوى غير أنني ... عذرت الصبا لو تقبلين لها عذرا

هبيها فدتك النفس راحت تسره ... إليه فقد أبدته وهي به سكرى

على أنها لو شايعت كثب النقا ... وريح الخزامى إنما حملت عطرا

ولنكتف من لطائفه بهذا المقدار طلبا للاختصار, فإن محاسنها لا تنتهي حتى ينتهي عنها, ولا تقف حتى يوقف عليها.

ومن لطائف الانسجام قول الشيخ الفاضل الحكيم حسين بن شهاب الدين الكركي العاملي رحمه الله, في صدر قصيدة يمدح بها الوالد رحمة الله تعال:

سرت والليل محلول الوشاح ... ونسر الجو مبلول الجناح

وثغر الشرق يبسم عن رياض ... مكللة الجوانب بالأقاح

كأن المشتري والنجم ساق ... يدير على الندامى كأنه كأس راح

فوا عجبا وهل يخفي سراها ... وقد أرجت برياها النواحي

من البيض الحسان إذا تجلت ... تخال جبينها فلق الصباح

مهفهفة يغار البدر منها ... ويخجل قدها هيف الرماح

أبث لطرفها شكوى غرامي ... وهل يشكو الجريح إلى السلاح

واطمع أن يزايلني هواها ... ومن ينجو من القدر المتاح

فلا تأوي لكسرة ناظريها ... فكم أودت بألباب صحاح

أحن إلى هواها وهو حتفي ... كمجروح يداوى بالجراح

ولا وأبيك ليس الحب سهلا ... فكم جد تولد من مزاح

خلقت من الغرام فلا أبالي ... أكان به فسادي أم صلاحي

ولولا تمسك الأطمار جسمي ... لطار من النحول مع الرياح

وحب الغانيات حياة روحي ... وراحتها وريحاني وراحي

ومن الانسجام المطرب قول الشيخ الأديب محمد بن سيعد باقشير المكي رحمه الله:

ألآل ما أرى أم حبب ... أم أقام لا ولكن شنب

حرمت وهي حلال قد جرى ... في خلال الطلع منها الضرب

ما درى بارق ذياك اللمى ... أن لي قلبا به يلتهب

دع لما قد نقل الراوي لنا ... عن لماه ما روته الكتب

آه ما أعذبه من مبسم ... وهو لو جاد به لي أعذب

ليت لو أن منالا منه لي ... غير أن البرق منه خلب

جؤذر يرنو بعيني أغيد ... من مها الرمل أغن أغلب

ومحيا كلف الحسن به ... فغدا ينشد أين المذهب

هز عطفيه فلم يدر النقا ... أقنا ما هزه أم قضب

رق فاستبعد ألباب الورى ... فله في كل قلب ملعب

يا لها من نعمة في ضمنها ... مهلك هان وعز المطلب

وهذا فصل عقدته لما وقع من الانسجام في أشعار العترة النبوية, والسلالة العلوية, التي يلوح عليها سيماء النبوة والخلافة, ويفوح منها ريا السيادة والشرافة. وإنما أفردته عما سبق, وميزته طبقا عن طبق, لتعلم أن الحصباء ليست كالدرر, والحجول وأن اتضحت دون الغرر.

فمن المطرب المرقص قول السيد أبي محمد بن عبد الله المحض بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام:

بيض حرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرم

يحسبن من لين الكلام فواسقا ... ويصدهن عن الخنا الإسلام

وقول الشريف أبي عبد الله محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض المذكور:

<<  <   >  >>