نفاك الأغر ابن عبد العزيز ... بحقك تنفى عن المسجد
وسميت نفسك أشقى ثمود ... فقالوا ضللت ولم تهتد
وقد أجلوا حين حل العذاب ... ثلاث ليال إلى الموعد
وجدنا الفرزدق بالموسمين ... خبيث المداخل والمشهد
وروى أبو بكر بن دريد في كتاب الأمالي عن أبي حاتم عن العيبي عن أبيه: أنه عرض على معاوية فرس وعنده عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص فقال: كيف ترى هذا الفرس يا أبا مطرف؟ فقال: أراه أجش هزيما, قال معاوية: أجل, لكنه لا يطلع على الكنائن. فقال: يا أمير المؤمنين ما استوجبت منك هذا الكلام كله, قال: لقد عوضك عنه عشرين ألفا.
قال ابن دريد: أراد عبد الرحمن التعريض لمعاوية بما قاله النجاشي في أيام صفين:
ونجى ابن حرب سابح ذو غلالة ... أجش هزيم والرماح دواني
إذا قلت أطراف الرماح تنوشه ... مرته به الساقان والقدمان
فلم يحتمل معاوية منه هذا المزاح وقال: لكنه لا يطلع على الكنائن, لأن عبد الرحمن كان يتهم بنساء أخوته.
قال: وروى صاحب الأغاني هذا الخبر على وجه آخر فقال: عرض معاوية على عبد الرحمن بن الحكم خيله, فمر به فرس فقال له: كيف تراه؟ فقال: هذا سابح, ثم عرض عليه آخر فقال: هذا ذو غلالة, ثم مر به آخر فقال: وهذا أجش هزيم, فقال له معاوية: أبي تعرض؟ قد علمت ما أردت.
إنما أردت قول النجاشي في:
ونجى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجش هزيم والرماح دواني
سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا ... كسيد الغضا ماض على النسلان
أخرج عني فلا تساكنني في بلد. فذهب إلى أخيه مروان وشكى إليه معاوية فقال له مروان: هذا عملك لنفسك؟ فانشأ يقول:
أتقطر آفاق السماء لها دما ... إذا قلت هذا الطرف أجرد سابح
فحتى متى لا نرفع الطرف ذلة ... وحتى متى تعيا علينا المنادح
فدخل مروان على معاوية فقال: حتى متى هذا الاستخفاف بآل أبي العاص؟ أما والله لتعلم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم فينا. ولقلَّ ما بقي من الأمد, فضحك معاوية وقال: قد عفوت لك عنه يا أبا عبد الملك.
ورواه أيضاً على وجه غير هذا فقال: قدم عبد الرحمن بن الحكم (على معاوية) وكان قد عزل أخاه مروان وجهه قبله وقال له: ألق معاوية وعاتبه لي واستصلحه.
فلما دخل عليه وهو يعشي الناس فأنشأ يقول:
أتتك العيس تنفخ في براها ... تكشف عن مناكبها القطوع
بأبيض من أمية مضر حي ... كأن جبينه سيف صنيع
فقال له معاوية: أزائرا جئت أم مفاخرا أم مكاثراً؟ فقال: أي ذلك شئت, فقال: ما أشاء من ذلك شيئا. وأراد معاوية أن يقطعه من كلامه الذي عن له فقال: أي الظهر أتيتنا عليه؟ قال له على فرس, قال: وما صفته؟ قال: أجش هزيم.
يعرض له بقول النجاشي له:
ونجى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجش هزيم والرماح دواني