للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلت أعد فأعاد، وقال: حسبك لئلا تكثر عليك المعاني فلا تقوم بحق قيمتها.

ثم أنشد:

هات المدام إذا رأيت شبيهها ... في الأفق يا فرداً بغير شبيهِ

فالصبح قد ذبح الظلام بنصله ... فغدت تخاصمه الحمائم فيه

انتهى.

ومن طريف هذا النوع قول السري الرفاء:

أسلاسل البرق الذي لحظ الثرى ... وهنا فوشح روضه بسلاسل

أذكرتنا النشوات في ظل الصبا ... والعيش في سنة الزمان الغافل

أيام أستر صبوتي في كاشح ... عمداً وأسرق لذتي من عاذل

وقوله أيضاً:

وصاحب يقدح لي ... نار السرور بالقدحْ

في روضة قد لبست ... من لؤلؤ الطل سبح

يألفني حمامها ... مغتبقاً ومصطبح

أوقظه بالعزف أو ... يوقظني إذا صدح

والجو في ممسك ... طرازه قوس قزح

يبكي بلا حزن كما ... يضحك من غير فرح

وقوله أيضاً:

يوم خلعت به عذاري ... فعريت من حلل الوقارِ

وضحكت فيه إلى الصبا ... والشيب يضحك في عذاري

متلون بيدي لنا طرفاً بأطراف النهار

فهواؤه سكب الرداء ... وغيمه

يبكي فيجمد دمعه ... والبرق يكحله بنار

وقول أبي الحسن على بن أحمد الجوهري من شعراء اليتيمة:

رذ الصباح علينا شملة السحب ... ومدت الريح منها واهي الطنبِ

صك النسيم فراخ الغيث فانزعجت ... ينفض أجنحة من عنبر الزغب

قال الثعالبي: لو لم يقل إلا هذا البيت لكان من أشعر الناس.

تسعى الجنوب بطرف نحوها ثملٍ ... من الندى وفؤاد نحوها طربِ

كفى العواذل أني لا أرى قدحاً=إلا شققت عليه جلدة الطرب وقول بدر الدين يوسف بن لؤلؤ:

هلم يا صاح إلى روضة ... يجلو بها العاني صدى همهِ

نسيمها يعثر في ذيله ... وزهوها يضحك في كمه

ومثله قولي:

وروضة قابلنا بشرها ... بضاحك النوار بسامهِ

تسحب فيها الريح أذيالها ... وينفخ الورد بأكمامه

وما أظرف قول ابن عمار:

يا ليلة بتنا بها ... في ظل أكتاف النعيمِ

من فوق أكمام الرياض ... وتحت أذيال النسيم

ومثله قول ابن المعتز:

وقد ركضت بنا خيل الملاهي ... وقد طرنا بأجنحة السرورِ

وقول ابن وكيع:

غرد الطير فنبه من نعس ... وأدر كأسك فالعيش خلس

سل سيف الفجر من غمد الدجى ... وتعرى الصبح من ثوب الغلس

وانجلى عن حلل فضية ... نالها من ظلمة الليل دنس

وطريف قول البدر الذهبي:

ما نظرت مقلتي عجيبا ... كاللوز لما بدا نواره

اشتعل الرأس منه شيبا ... واخضر من بعد ذا عذاره

وقول أبي الحسن العقيلي:

فلما تبدى لنا وجهه ... نهبنا محاسنه بالعيون.

وقول محمد بن عبد الله السلامي:

والكأس للمسكر التبري صائغة ... والماء للحبب الدري نظام

بتنا نكفكف بالكاسات أدمعنا ... كأننا في حجور الروض أيتام

وقوله أيضاً: تبسطنا على الآثام لما=رأينا العفو من ثمر الذنوبِ قيل كل الصاحب بن عباد يستحسن هذا البيت، ويستشهد به كثيراً، وكان يقول: ما درى قائله أي درة رمى بها، وأي غرة سيرها وخلدها.

وطريف قول مجير الدين بن تميم:

كيف السبيل بأن أقبل خد من ... أهوى وقد نامت عيون الحرس

وأصابع المنثور تومئ نحونا ... حسداً وترمقنا عيون النرجس

وما أبدع قول الشريف الرضي في مرثية:

أرسى النسيم بواديكم ولا برحت ... حوامل المزن في أجداثكم تضعُ

ولا يزال جنين النبت ترضعه ... على قبوركم العراصة اللمع

وقد سرق هذا البيت ابن سعد الموصلي سرقة فاحشة فقال من قصيدة يتشوق فيها إلى دمشق.

مطلعها:

سقى دمشقى وأياماً مضت فيها ... مواطر السحب ساريها وغاديها

والبيت المسروق هو:

ولا يزال جنين النبت ترضعه ... حوامل المزن في أحشا أراضيها

<<  <   >  >>