ثمَّ إِن الْمَنْصُور بعث إِلَيْهِ جَيْشًا وافرا فَهَزَمَهُمْ النَّاصِر واستفحل أمره وَتمكن ناموسه من الْقُلُوب فَأمر الْمَنْصُور ولي عَهده الْمَأْمُون بمنازلته فَخرج إِلَيْهِ من فاس فِي تعبية حَسَنَة وهيئة تَامَّة فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ كَانَت الدبرة على النَّاصِر بالموضع الْمَعْرُوف بالحاجب وَمر على وَجهه فاحتل بالجاية بَلْدَة من عمل بِلَاد الزَّبِيب فلحق بِهِ ولي الْعَهْد فَلم يزل فِي مقاتلته إِلَى أَن قبض عَلَيْهِ فأزال رَأسه وَبعث بِهِ إِلَى مراكش وَكَانَ ذَلِك سنة خمس وَألف وَقيل سنة أَربع وَألف
قَالَ فِي نشر المثاني كَانَ مقتل النَّاصِر وإدخاله مَقْطُوع الرَّأْس إِلَى فاس يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من رَمَضَان سنة أَربع وَألف وَهُوَ الْأَصَح
وَذكر الشَّيْخ أَبُو عَليّ اليوسي فِي المحاضرات مَا نَصه حدثوا عَن صلحاء تادلا أَنه لما قَامَ على السُّلْطَان أَحْمد الْمَنْصُور ابْن أَخِيه النَّاصِر قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن أبي الْقَاسِم الصومعي إِن النَّاصِر يدْخل تادلا يَعْنِي دُخُول الْملك فَلَمَّا بلغ الْخَبَر إِلَى الشَّيْخ أبي عبد الله مُحَمَّد الشَّرْقِي التادلي قَالَ مِسْكين بَابا أَحْمد رأى رَأس النَّاصِر قد دخل تادلا فَظَنهُ النَّاصِر يدخلهَا فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك فَإِنَّهُ هزم فِي نواحي تازا ثمَّ قطع رَأسه وَحمل إِلَى مراكش فَدخل تادلا فِي طَرِيقه اه
وَلما قتل النَّاصِر سر الْمَنْصُور بذلك وأتته الْوُفُود للتهنئة وَقَالَ الشُّعَرَاء فِي ذَلِك مِنْهُم الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عمر الشاوي قَالَ
(تهنأ أَمِير الْمُؤمنِينَ فقد جرت ... بسطوتك الأقدار جري السوابق)
(أَضَاءَت لَك الْأَيَّام واحلولكت على ... عَدوك وارتجت رُؤُوس الشواهق)
(وَذَاكَ الَّذِي قد خيب الله سعده ... تردى فَلم تَنْفَعهُ نصْرَة مارق)
(فَكَانَ كَمَا قد قيل لَكِن رَأسه ... أَتَى سَابِقًا وَالرجل لَيست بسابق)