امتحان السُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ أَرْبَاب الزوايا والمنتسبين وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما كَانَت سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة أَمر السُّلْطَان أَبُو عبد الله الشَّيْخ بامتحان أَرْبَاب الزوايا والمتصدرين للمشيخة خوفًا على ملكه مِنْهُم لما كَانَ للعامة فيهم من الِاعْتِقَاد والمحبة وَالْوُقُوف عِنْد إشاراتهم والتعبد بِمَا يتأولونه من عباراتهم أَلا ترى أَن بيعَة وَالِده أبي عبد الله الْقَائِم لم تَنْعَقِد إِلَّا بهم وَلَا ولج بَيت الْملك إِلَّا من بابهم فامتحن جمَاعَة مِنْهُم كالشيخ أبي مُحَمَّد الكوش فأخلى زاويته بمراكش وَأمر برحيله إِلَى فاس
وَفِي الدوحة لما امتحن السُّلْطَان أَبُو عبد الله الشَّيْخ زَوَايَا الْمغرب قيل لأبي عَليّ الْحسن بن عِيسَى المصباحي دَفِين الدعادع الَّتِي على وَادي مُضِيّ من عمل الْقصر أَلا تخشى من هَذَا السُّلْطَان فَقَالَ إِنَّمَا الخشية من الله وَمَعَ هَذَا فالماء والقبلة لَا يقدر أحد على نزعهما وَالْبَاقِي مَتْرُوك لمن طلبه
وَكَانَ السُّلْطَان الْمَذْكُور يُطَالب أَرْبَاب الزوايا بودائع أُمَرَاء بني مرين ويتهمهم بهَا وَبعث خديمه يَوْمًا إِلَى الشَّيْخ أبي عُثْمَان سعيد بن أبي بكر المشترائي دَفِين مكناسة يُطَالِبهُ بِشَيْء من ذَلِك فَوَجَدَهُ جَالِسا بِنَاحِيَة زاويته يضفر الدوم وَإِذا بطائر لَعَلَّه اللقلاق سلح أَمَامه فَمَا رفع أَبُو عُثْمَان بَصَره حَتَّى سقط الطَّائِر مَيتا متطاير الريش فَلَمَّا رأى الخديم ذَلِك فزع وَولى هَارِبا قَالَه فِي الممتع وَالله تَعَالَى أعلم