مبايعين ومؤدين الطَّاعَة فَجَلَسَ للوفود وَأَجَازَ كلا على قدر مرتبته وردهم إِلَى بِلَادهمْ وتفرغ لشأنه فأفتح عمله بقتل عُمَّال أَبِيه وأركان دولته فَقتل عَليّ بن يشي القبلي أَمِير البربر وثنى بِأَحْمَد بن عَليّ أَمِير الْأَعْمَال الفاسية وَمَا أتصل بهَا من بِلَاد الهبط وَالصَّحِيح أَن أَحْمد بن عَليّ الْمَذْكُور كَانَ عِنْد بيعَة الْمولى أَحْمد فِي السجْن فَدس إِلَيْهِ عَليّ بن يشي من ذبحه فِيهِ فَسلط الله عَلَيْهِ السُّلْطَان فَقتله وَكَانَ جَزَاؤُهُ من جنس عمله وَقتل السُّلْطَان أَيْضا الباشا ابْن الْأَشْقَر ومرجان الْكَبِير قَائِد عبيد الدَّار وَصَاحب بيُوت الْأَمْوَال وَكَانَ لنظره أَلفَانِ ومائتان من المفاتي كلهَا موزعة على أَبْوَاب الْقُصُور وكل وَاحِد من هَؤُلَاءِ الخصيان لَهُ عَبْدَانِ وَثَلَاثَة وَأكْثر يخدمونه
وَاعْلَم أَن الْمولى أَحْمد رَحمَه الله كَانَ مستبدا عَلَيْهِ فِي كثير من الْأَحْوَال يُشِير العبيد عَلَيْهِ فيفعل وَمَا قتل من قتل من رُؤَسَاء الدولة إِلَّا بإشارتهم وَقتل جمَاعَة من القواد وَالْكتاب سوى من تقدم وَطَاف على بيُوت الْأَمْوَال ومخازن السِّلَاح والكسى فَأمر بِإِخْرَاج ذَلِك وتفرقته على العبيد وقواد الْجَيْش وَأعْطى من ذَلِك فَوق الْكِفَايَة وَعم الْعلمَاء والأشراف والطلبة بالنوال وَخص أفرادا من الْعَسْكَر بألوف فاغتبط النَّاس بِهِ وحمدوه رَحمَه الله
إغارة الْقَائِد أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي على تطاوين وَمَا دَار بَينه وَبَين الْفَقِيه أبي حَفْص عمر الوقاش
كَانَ الْقَائِد الْمُجَاهِد أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الريفي يَلِي رئاسة الْمُجَاهدين هم وَأَبوهُ من قبله بالثغور الهبطية أَيَّام السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رَحمَه الله وَكَانَت لَهُ ولأبيه الْيَد الْبَيْضَاء فِي فتح طنجة والعرائش وَغَيرهمَا حَسْبَمَا سلف بعضه فَكَانَت لَهُ بذلك وجاهة كَبِيرَة فِي الدولة خُصُوصا بِبِلَاد الهبط وَكَانَ بتطاوين يَوْمئِذٍ الْفَقِيه الأديب أَبُو حَفْص عمر الوقاش من بيوتاتها وَأهل الرياسة بهَا كَانَ أَولا كَاتبا مَعَ السُّلْطَان الْمولى إِسْمَاعِيل رَحمَه الله وَكَانَت لَهُ الْمنزلَة الْعَالِيَة عِنْده ثمَّ لما ضعف عَن الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة بكبر سنه