حَسْبَمَا هِيَ عَادَة الله تَعَالَى فِي مثل ذَلِك غَالِبا وَالله تَعَالَى أعلم
بِنَاء ضريحي الْإِمَامَيْنِ إِدْرِيس الْأَكْبَر والأصغر رَضِي الله عَنْهُمَا
لما كَانَت سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف أَمر السُّلْطَان رَحمَه الله بهدم قبَّة ضريح الْمولى إِدْرِيس الْأَكْبَر رَضِي الله عَنهُ بزاوية زرهون وَشِرَاء الْأُصُول الْمُجَاورَة لَهُ من جهاته الْأَرْبَع وهدمها وزيادتها فِيهِ فهدمت الْقبَّة وَجَمِيع مَا حولهَا وأعيدت على هَيْئَة بديعة وَاسْتمرّ الْبناء وَالْعَمَل فِي المشهد الشريف إِلَى أَن تمّ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف هَكَذَا فِي الْبُسْتَان وَغَيره وَقَالَ فِي نشر المثاني وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف أَمر السُّلْطَان المظفر الْمولى إِسْمَاعِيل بتجديد بِنَاء مقَام مَوْلَانَا إِدْرِيس الْأَصْغَر باني فاس حَيْثُ ضريحه بهَا وَأمر بِبِنَاء قُبَّته الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ الْآن بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من المحاسن الَّتِي يعز وجودهَا وَأمر بتوسعة صحن الْمَسْجِد على مَا هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْم من الْهَيْئَة الَّتِي لَا نَظِير لَهَا بفاس وَتمّ تسقيف الْقبَّة فِي آخر ذِي الْحجَّة من الْعَام الْمَذْكُور ثمَّ أَمر رَحمَه الله بِإِقَامَة الْجُمُعَة فِيهِ فَهِيَ تُقَام فِيهِ من يَوْمئِذٍ جعل الله ذَلِك فِي ميزَان الْآمِر بِهِ وَالْمُتوَلِّيّ لَهُ آمين
وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَألف مَاتَ الْقَائِد عبد الله الروسي بمكناسة وفيهَا غضب السُّلْطَان على أهل فاس وَبعث إِلَيْهِم حمدون الروسي وأخاه أَبَا عَليّ وَأمرهمْ بمصادرتهم وَقبض المَال مِنْهُم فبعثوا علماءهم وأشرافهم للشفاعة فَلم يقبل وشرعوا فِي دفع المَال حَتَّى لم يعرف لَهُ عدد وَلم يسلم من الغرامة أحد وتغيب النَّاس فِي تِلْكَ الْمدَّة وخلت الْمَدِينَة من ذَوي الْيَسَار
وَفِي هَذِه السّنة أَيْضا فِي الْمحرم مِنْهَا خرج عَسْكَر الإصبنيول من سبتة على حِين غَفلَة من الْمُسلمين فَضربُوا فِي محلتهم واستولوا عَلَيْهَا وعَلى خباء الْقَائِد أبي الْحسن عَليّ بن عبد الله الريفي ونهبوا وَقتلُوا وسلبوا