وزرائه وبطانته بذلك وتفطن خَاصَّة السُّلْطَان لما وَقع فأخبروه الْخَبَر وحضوه على الْخُرُوج إِلَى النَّاس قبل أَن يَتَفَاقَم الْأَمر ويتسع الْخرق فبرز السُّلْطَان إِلَى فسطاط جُلُوسه وتسامع أهل المعسكر بِهِ فازدحموا إِلَى بساطة وتقبيل يَده وتقبض على أهل الظنة من الْجَيْش فأودعهم السجْن وَسخط على الأميرين وَأمر برحيل من كَانَ مَعَهُمَا من الْجند فردهم إِلَى مُعَسْكَره ثمَّ رَجَعَ إِلَى فسطاطه وطفئت نَار الْفِتْنَة وَسكن سعي المفسدين وانتبذ النَّاس عَن الأميرين الْمَذْكُورين فبقيا أوحش من وتد بقاع فَاشْتَدَّ جزع الْأَمِير أبي عبد الرَّحْمَن وَركب من فسطاطه وخاض اللَّيْل فَأصْبح بحلة أَوْلَاد على أُمَرَاء بني زغبة من هِلَال الموطنين بِأَرْض حَمْزَة فتقبض عَلَيْهِ أَمِيرهمْ مُوسَى بن أبي الْفضل ورده إِلَى أَبِيه فاعتقله بوجدة ورتب الْعُيُون لحراسته وَلحق وزيره زيان بن عمر الوطاسي بالموحدين أَصْحَاب تونس فأجاروه وَرَضي السُّلْطَان صَبِيحَة فرار أبي عبد الرَّحْمَن عَن أَخِيه أبي مَالك وَعقد لَهُ على ثغور عمله بالأندلس وَصَرفه إِلَيْهَا وانكفأ رَاجعا إِلَى تلمسان وَالله أعلم
ثورة ابْن هيدور الجزار وَمَا كَانَ من أمره
لما تقبض السُّلْطَان أَبُو الْحسن على ابْنه عبد الرَّحْمَن وأودعه السجْن تفرق خدمه وحشمه فِي الْجِهَات وَكَانَ مِنْهُم رجل جزار مُرَتّب فِي مطبخه يعرف بِابْن هيدور وَكَانَ لَهُ شبه فِي الصُّورَة بِأبي عبد الرَّحْمَن فلحق ببني عَامر بن زغبة وَكَانُوا لذَلِك الْعَهْد منحرفين عَن طَاعَة السُّلْطَان أبي الْحسن لاختصاصه عريف بن يحيى أَمِير بني سُوَيْد أعدائهم فَلَمَّا لحق بهم ابْن هيدور هَذَا انتسب لَهُم إِلَى السُّلْطَان أبي الْحسن وَأَنه ابْنه أَبُو عبد الرَّحْمَن فَشبه لَهُم وَبَايَعُوهُ وأجلبوا بِهِ على نواحي لمدية فبرز إِلَيْهِم قائدها فهزموه ثمَّ جمع لَهُم ونزمار بن عريف بن يحيى فَهَزَمَهُمْ وافترق جمعهم ونبذوا للجزار عَهده فلحق ببني يزناتن من زواوة فَنزل على شيختهم شمسي من بني