ثمَّ دخلت سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَألف فِيهَا عزل السُّلْطَان الْقَائِد أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد اليموري عَن فاس وَولى عَلَيْهَا صهره الْمولى حبيب بن عبد الْهَادِي فَقَامَ بهَا أحسن قيام وَكَانَ ذَا عقل ومروءة وسمت ودهاء وفيهَا توجه السُّلْطَان فِي العساكر إِلَى مراكش وَلما احتل بهَا بعث جَيْشًا إِلَى السوس لنظر الْكَاتِب أبي عبد الله الرهوني وَبعث جَيْشًا آخر إِلَى عَامل حاحة لنظر أبي الْعَبَّاس أَحْمد اليموري ثمَّ خرج السُّلْطَان فِي جَيش ثَالِث إِلَى ثغر الصويرة لمشاهدتها وَالْوُقُوف على آثَار وَالِده بهَا فَانْتهى إِلَيْهَا وَأقَام بهَا أَيَّامًا وَفرق المَال على جندها أحرارا وعبيدا وَنظر فِي أُمُور مرْسَاها وَأمر بإصلاح مَا لَا بُد مِنْهُ فِيهَا وَعَاد إِلَى الغرب مؤيدا منصورا
فتْنَة الْفَقِير أبي مُحَمَّد عبد الْقَادِر ابْن الشريف الفليتي واستحواذه على تلمسان وبيعته للسُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان وَالسَّبَب فِي ذَلِك
لما كَانَت سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَألف هَاجَتْ الْفِتْنَة بَين عرب تلمسان وَالتّرْك وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن باي وهران كَانَ لَهُ انحراف عَن الْفُقَرَاء والمنتسبين وَسُوء اعْتِقَاد فيهم فَقتل بعض الطَّائِفَة الدرقاوية وَأمر بِالْقَبْضِ على مقدمهم أبي مُحَمَّد عبد الْقَادِر بن الشريف الفليتي تلميذ الشَّيْخ الْأَكْبَر أبي عبد الله سَيِّدي مُحَمَّد الْعَرَبِيّ بن أَحْمد الدرقاوي شيخ الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة ففر أَبُو مُحَمَّد عبد الْقَادِر الْمَذْكُور إِلَى الصَّحرَاء وَنزل بحلة الْأَحْرَار فَاجْتمع عَلَيْهِ أهل طائفته وامتعضوا لمن قتل مِنْهُم ولنفي مقدمهم عَن وَطنه وعشيرته وامتعضت لَهُم عَشَائِرهمْ من قبائل الْعَرَب الَّذِي هُنَالك وزحفوا لِحَرْب التّرْك على حِين غَفلَة مِنْهُم فَقَتَلُوهُمْ فِي كل وَجه
وَلما دخل فصل الرّبيع من السّنة الْمَذْكُورَة بعث صَاحب الجزائر عسكرا إِلَى باي وهران وَأمره بغزو الْعَرَب فَنَهَضَ إِلَيْهِم وَوَقعت الْحَرْب بَينه