كَانَ الْمَنْصُور رَحمَه الله بعد فَرَاغه من قَضِيَّة ابْنه الْمَأْمُون قد عزم على الرُّجُوع إِلَى مراكش فَلَمَّا بلغه ظُهُور الوباء بِتِلْكَ النَّاحِيَة تربص إِلَى أَن دخلت سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف فانتشر الوباء فِي بِلَاد الغرب أَيْضا فَكَانَ مصاب الْمَنْصُور بِهِ على مَا نذكرهُ
قَالَ صَاحب الأصليت وَهُوَ الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الله السجلماسي الْمَعْرُوف بِأبي محلي كُنَّا نسْمع أَن السُّلْطَان الْمَنْصُور إِذا خرج من مراكش قَاصِدا مَدِينَة فاس لَا يرجع إِلَى مراكش وذاع هَذَا الْخَبَر فِي النَّاس قبل نُزُوله فَكَانَ الْأَمر كَذَلِك ثمَّ لَا أَدْرِي من أَيْن للنَّاس بذلك هَل أنطقهم الله بِهِ أَو عَن علم تلقوهُ عَن أربابه وَكَأَنَّهُ الْأَشْبَه وَالله أعلم قَالَ وَمن هَذَا مَا ذكره بَعضهم أَيْضا لَكِن بعد الْوُقُوع وَالنُّزُول أَن دُخُول رايات أبي الْعَبَّاس الْمَنْصُور فِي حَيَاته للسودان واستيلاءه على سلطانها سكية فِي دَار إمارته كاغو مَعَ تنبكتو وأعمالها كل ذَلِك من أَمَارَات خُرُوج الإِمَام الْمهْدي الفاطمي وَكَذَلِكَ الوباء الْمُنْتَشِر فِي هَذِه الأعوام وَكَثْرَة الْهَرج والغلاء فِي سَائِر الْبِلَاد حَتَّى الْآن وَبَقِي من إمارات خُرُوجه فِيمَا نسْمع فتح وهران إِمَّا على يَده أَو بِإِذْنِهِ فِيمَا يَقُوله من لَا علم عِنْده بِحَقِيقَة الْأَمر اه
وَكَانَ ابْتِدَاء مرض الْمَنْصُور بمحلته خَارج فاس الْجَدِيد قرب سَيِّدي عميرَة يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر ربيع النَّبَوِيّ سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَألف وَدخل إِلَى دَاره بِالْمَدِينَةِ الْبَيْضَاء عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم واحتل بهَا بعد الْغُرُوب وَتُوفِّي هُنَالك لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الموَالِي لتاريخه وَدفن بِإِزَاءِ مَقْصُورَة الْجَامِع الْأَعْظَم هُنَالك ضحوة يَوْم الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُور وَحضر جنَازَته وَلَده زَيْدَانَ وَقدم للصَّلَاة مفتي فاس وخطيب جَامع الْقرَوِيين بهَا الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن قَاسم الْقصار