كَانَت الْهُدْنَة معقودة بَين هَذِه الدولة الشَّرِيفَة وَبَين جنس الفرنسيس من لدن دولة السُّلْطَان الْأَعْظَم سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رَحمَه الله وَلما حدث الشنآن بَين ترك الجزائر والفرنسيس وَاسْتولى الفرنسيس على ثغورهم جَاءَ أهل تلمسان إِلَى السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن رَحمَه الله راغبين فِي بيعَته وَالدُّخُول فِي طَاعَته فقبلهم بعد التَّوَقُّف والمشاورة كَمَا مر وَلما أعرى جَيش السُّلْطَان تلمسان وَاجْتمعَ أهل ذَلِك الْقطر على الْحَاج عبد الْقَادِر محيي الدّين تَحت كلمة السُّلْطَان بر بِهِ وَأحسن إِلَيْهِ وقاوم الفرنسيس بِتِلْكَ الْبِلَاد أَشد المقاومة إِلَّا أَن فَائِدَة حربه كَانَت تظهر فِي قتل النُّفُوس واستلاب الْأَمْوَال وَفَائِدَة حَرْب الفرنسيس كَانَت تظهر فِي انتقاص الأَرْض والاستيلاء عَلَيْهَا وشتان مَا بَينهمَا
وَلما كَانَت سنة تسع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَألف تمّ اسْتِيلَاء الفرنسيس على جَمِيع بِلَاد الْمغرب الْأَوْسَط وَصَارَ الْحَاج عبد الْقَادِر يتنقل فِي أطرافها فَتَارَة بالصحراء وَتارَة ببني يزناسن وَتارَة بوجدة والريف وَغير ذَلِك وَرُبمَا استكثر فِي هَذِه التنقلات بِمن هُوَ من رعية السُّلْطَان أَو جنده فَمد الفرنسيس يَده إِلَى إيالة السُّلْطَان رَحمَه الله فشن الْغَارة على بني يزناسن وعَلى وَجدّة وأعمالها الْمرة بعد الْمرة ثمَّ اقتحم وَجدّة على حِين غَفلَة من أَهلهَا وانتهبها وَكثر عيثه