وَلما دخل عبد الْمُؤمن إِلَى تلمسان فِي هَذِه الرّجْعَة قبض على وزيره عبد السَّلَام بن مُحَمَّد الكومي فسجنه ثمَّ سمه من جرعة لبن هلك بهَا من ليلته
عبور عبد الْمُؤمن إِلَى جبل طَارق وَالسَّبَب فِي ذَلِك
كَانَ عبد الْمُؤمن وَهُوَ بإفريقية قد بلغه أَن مُحَمَّد بن مردنيش الثائر بشرق الأندلس قد خرج من مرسية ونازل جيان وأطاعه واليها مُحَمَّد بن عَليّ الكومي ثمَّ نَازل بعْدهَا قرطبة ورحل عَنْهَا وغدر بقرمونة وملكها ثمَّ رَجَعَ إِلَى قرطبة وَخرج ابْن يكيت لحربه فَهَزَمَهُ ابْن مردنيش وَقَتله
فَكتب عبد الْمُؤمن إِلَى عماله بالأندلس يُخْبِرهُمْ بِفَتْح إفريقية عَلَيْهِ وَأَنه وَاصل إِلَيْهِم فَلَمَّا نَهَضَ من تلمسان فِي رجعته هَذِه عدل إِلَى طنجة فَدَخلَهَا فِي ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين وَخَمْسمِائة وَأقَام بهَا إِلَى أَن دخلت سنة سِتّ وَخمسين بعْدهَا فَعبر مِنْهَا إِلَى الأندلس وَنزل بجبل طَارق فَأَقَامَ بِهِ شَهْرَيْن واستشرف مِنْهُ أَحْوَال الأندلس ووفد عَلَيْهِ قوادها وأشياخها فَأمر بغزو غرب الأندلس فَنَهَضَ إِلَيْهِ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أبي حَفْص الهنتاتي من قرطبة فِي جَيش كثيف من الْمُوَحِّدين فَفتح حصن المرنكش من أحواز بطليوس وَقتل جَمِيع من كَانَ بِهِ من النَّصَارَى وَخرج الفنش من طليطلة لإغاثته فَوَجَدَهُ قد فتح وصمد الموحدون لقتاله فَهَزَمَهُ الله وَقتل من عسكره سِتَّة آلَاف وسَاق الْمُسلمُونَ السَّبي إِلَى قرطبة وإشبيلية
وَفِي هَذِه السّنة ملك الموحدون بطليوس وباجة ويابورة وحصن الْقصر فولى عَلَيْهَا عبد الْمُؤمن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَاج وَعَاد إِلَى مراكش